المطلع
عاجل

post-image

قمة المناخ في غلاسكو والحاجة لبناء الإنسان

الكاتب: ادارة الموقع


23:11 مقالات عامة
2021-11-01
542

ثمة خشية أن يكون الفتق قد استعصى على الراقع وأن هذا الكوكب قد بلغ نقطة اللاعودة من حيث التداعي البيئي المدمر.


ومن المؤكد أن الزعماء الزعماء المجتمعين في مدينة غلاسكو الاسكوتلاندية تحت اسم «كوب26» لمناقشة قضايا البيئة سيتطرقون لجوانب عديدة حول أسباب التداعي البيئي وسيطرحون اقتراحات كثيرة ضمن محاولات احتواء المشكلة. 

كما أن المنظمات المهمتة بالبيئة ومكافحة التلوث التي حضر الكثير منها على هامش المؤتمر سيكون لها دور لا يمكن الاستخفاف به في هذا المجال. 

كما أن للحكومة البريطانية التي ترعى المؤتمر السادس والعشرين للبيئة مصلحة في إنجاح فعالياته، وكانت تأمل حضور كافة زعماء دول العالم، ولكنها فوجئت بعدم حضور الرئيس الصيني الذي تتوجه الأنظار إليه كرئيس لدولة صناعية وسياسة عظمى تساهم في التلوث بمعدل كبير وما تزال سياساتها البيئية مثارا للجدل.


أما الولايات المتحدة فما تزال مترددة في الالتزام بسياسات جادة لخفض التلوث، خصوصا بعد قرار الرئيس السابق، دونالد ترامب، سحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، التي أقرت قبل ستة أعوام.

ومن المؤكد أن عدم حضور الرئيس الصيني عامل كبير للشعور بالإحباط من جهة والتشكيك في مدى قدرة النظام السياسي العالمي على التعاطي بايجابية وفاعلية مع قضايا البيئة. المشكلة أنها لم تعد مشكلة محدودة بل أصبح البشر كله معنيا بها لأنها تؤثر على حياته والأجيال القادمة. 

وتعاني منطقة الشرق الأوسط خصوصا منطقة الخليج من هذا التداعي البيئي بأنماط لا تحظى باهتمام الكثيرين.

ومن الحقائق المؤلمة أن منطقة الخليج واكثر من نصف الجزيرة العربية غاضت مياهها العذبة بشكل كامل. 

فليس هناك نقطة ماء صالح للشرب في أغلب بلدان الخليج النفطية، بل أصبحت تعتمد على محطات التحلية للماء الصالح للشرب. 

ومنذ أقل من قرن بدأ الانتاج النفطي، وساهم تدريجيا في تخريب البيئة خصوصا مع تسرب مياه البحر الى مصادر الماء الجوفية. 

فحتى نهاية السبعينيات كانت هناك آبار للماء العذب، ولكن هذا الماء تلاشى تماما لأسباب ثلاثة: أولها التنقيب المتواصل عن النفط وما يصاحبه من تسرب الماء إلى منابع الماء الجوفية، 

ثانيها: استصلاح الأراضي البحرية لتشييد جزر صغيرة لبناء المنازل بدلا من الاستفادة من الاراضي الصحراوية الواسعة، 

ثالثها: تقلص القطاع الزراعي لأسباب عديدة من بينها تشييد العمارات الشاهقة مكان الزراعة، وجذب المزارعين نحو المدن، وهيمنة المحصولات المعدلة جينيا والمزروعة في البيوت الزجاجية.

ثمة حقائق يجدر ذكرها بوضوح: أولها أن الأزمة ليست فنية فحسب، بل سياسية أيضا. بمعنى أن الجانب الفني فيها (انبعاث الغازات وانتشار ثاني أوكسيد الكربون والتصحر وثقب الأوزون) له علاقة بأمرين: الأول تشخيص أسباب التداعي والعوامل الفنية المرتبطة به، والثاني هيمنة الأنانية والمصالح الذاتية على المصالح العامة، خصوصا في ظل السباق التكنولوجي والاقتصادي والعسكري بين البلدان.

قمة غلاسكو لن تصنع المعجزات ولن تعكس المسار التدميري للإنسان في تعامله مع البيئة. كما أن من المتوقع أن تنحصر نتائجها بإصدار المزيد من المواثيق الدولية لتنظيم القضايا والسياسات ذات الصلة بالبيئة والمناخ وتقليص مستويات التلوث الى الصفر. 


ثانيها: غياب روح التضحية والمنطق والإنسانية عن الاعتبارات المصلحية والسياسية للدول. ثانيها: أن الأزمة ليست جديدة، بل لها جذور تمتد الى بداية عصر النهضة الصناعية قبل أكثر من مائتي عام، وان التعاطي معها يجب أن يأخذ هذه الحقيقة في الحسبان. ثالثها: أن ما يسمى «التطور البشري» ساهم في صنع ثقافة استهلاك تتعمق باستمرار. وجاء عصر «البلاستيك» ليضاعف المنحى الفردي لدى البشر. وحين تسمح الدول الكبرى لنفسها بإجراء التجارب النووية في المحيطات، وتدمر الأسماك والأعشاب والقطع المرجانية والماء على أوسع نطاق، فإن ذلك تخريب على نطاق صناعي عملاق. وعندما تجد الدول الفقيرة نفسها مدفوعة لاستبدال المناطق الزراعية بالعمارات والقطع السكنية وبناء الشوارع الإسفلتية، فمن المؤكد أن ذلك يضيف للأزمة البيئية. وحين يكون الطيران الوسيلة الأولى للتنقل وتنتشر ثقافة السياحة غير المقننة فإن ما ينجم عن ذلك تلوث لا يستهان به. رابعها: أن التعاطي مع المشكلة حتى الآن اقتصر على اصدار التعليمات والتحذيرات، ولم يتطرق لمشروع إعادة بناء الثقافة الاستهلاكية التي تتوسع بدون حدود. رابعها: أن التكنولوجيا الحديثة ومنها تكنولوجيا المعلومات والأقمار الفضائية والهواتف الذكية والحاسبات الإلكترونية، كلها مصادر تلوث عملاقة. خامسها: أن الوقود العضوي يساهم في تلوث البيئة لأنه مصدر الطاقة التشغيلية للمصانع ووسائل النقل الحديثة. ومع تصاعد استخدام هذه الوسائل يتوسع استخدامه وبالتالي التلوث الناجم عنه. ومنذ عقود بدأ البحث عن «مصادر طاقة بديلة» يروّج بأنها أقل تلويثا للبيئة.
ماذا تعني هذه الحقائق؟ وكيف ستتعاطى قمة غلاسكو معها؟ ثمة معوقات تعترض الجهود المبذولة لاحتواء ظاهرة التلوث والتداعي البيئيين:

أولها: غياب روح العمل الدولي المشترك واستبدالها بالتنافس على النفوذ وفي مجالات السياسة والاقتصاد. 

ثانيها: تهميش دور الأمم المتحدة كجهة قادرة على إدارة العلاقات الدولية. 

ثالثها: عودة أجواء «الحرب الباردة» مجددا الى الفضاء الدولي خصوصا مع تصاعد شعارات مثل «أمريكا أولا» و«بريكسيت» و تعملق «الدولة القومية» لتضعف التوجه نحو العمل المشترك الذي يتطلب المساومة والمقايضة والتفاهم للتوصل إلى الحلول الوسط. 

رابعها: غياب أهم مبدأ في العمل المشترك الذي يقول بان اتفاقات الفرقاء يعني انتصارهم واختلافاتهم تعني خسارة الجميع. هذا المنطق استبدل بظواهر الجشع والأنانية والعمل الأحادي وتصاعد روح الغطرسة والهيمنة وعودة المشاعر التي سادت العصور السالفة خصوصا الوسطى بالرغبة في التوسع وبناء الامبراطوريات، وما نجم عن ذلك من حروب مدمرة. خامسها: تراجع الإيمان الداخلي لدى النخب السياسية بضرورة الاعتراف بالآخر وحقه في الحياة من جهة، وتضاؤل الشعور بالحب والأخوة ووحدة الفصيل الإنساني وطغيان التوجه المادي وانحسار الشعور الديني الذي يروج تلك القيم والمفاهيم.
برغم ما سبق فقد يكون من غير الإنصاف القول بعدم وجود حماس للعمل المشترك للتعاطي مع قضايا البيئة والمناخ. فالحماس لحضور مؤتمر غلاسكو يؤكد رغبة واسعة لدى السياسيين والمنظمات المهتمة بقضايا البيئة.

 

المصدر: القدس العربي

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة

تعليقات

أحدث الاخبار

المفوضية تصادق على تعليمات التسجيل وقوائم المرشحين لانتخابات برلمان كردستان

المفوضية تصادق على تعليمات التسجيل وقوائم المرشحين لانتخابات برلمان كردستان

2024-07-03 13:17 0
الاستخبارات العسكرية تحكم قبضتها على أحد عناصر داعش بالأنبار

الاستخبارات العسكرية تحكم قبضتها على أحد عناصر داعش بالأنبار

2024-07-03 12:57 4
التربية تنشر رابط التقديم لمدارس المتميزين وثانويات كلية بغداد و المتفوقين

التربية تنشر رابط التقديم لمدارس المتميزين وثانويات كلية بغداد و المتفوقين

2024-07-03 12:48 10
خلال ثلاث سنوات... العراق يسجل أكثر من "2000" حالة ومحاولة انتحار

خلال ثلاث سنوات... العراق يسجل أكثر من "2000" حالة ومحاولة انتحار

2024-07-03 12:36 5
العراق وصندوق الأمم المتحدة للسكان يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون المشترك

العراق وصندوق الأمم المتحدة للسكان يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون المشترك

2024-07-03 12:30 9
السوداني: الحكومة وضعت ملف تطوير القوات الأمنية ضمن برنامجها

السوداني: الحكومة وضعت ملف تطوير القوات الأمنية ضمن برنامجها

2024-07-03 12:25 6
الصدر يستعرض أهم المحاذير في احياء الشعائر الحسينية

الصدر يستعرض أهم المحاذير في احياء الشعائر الحسينية

2024-07-03 12:20 9
الإيقاع بمشعوذ إيراني جمع ثروة من نساء مقابل وعود بتطويل قامتهن بأربيل

الإيقاع بمشعوذ إيراني جمع ثروة من نساء مقابل وعود بتطويل قامتهن بأربيل

2024-07-03 12:15 9
مسعود بارزاني يصل الى بغداد

مسعود بارزاني يصل الى بغداد

2024-07-03 11:40 11
لليوم الثالث… استمرار ارتفاع أسعار صرف الدولار في أسواق بغداد وأربيل

لليوم الثالث… استمرار ارتفاع أسعار صرف الدولار في أسواق بغداد وأربيل

2024-07-03 10:52 17
بسبب تمرين.. تعليق عمل مطار أربيل لمدة ثلاث ساعات

بسبب تمرين.. تعليق عمل مطار أربيل لمدة ثلاث ساعات

2024-07-03 10:43 11
مكتبه: مسعود بارزاني يصل بغداد اليوم بزيارة رسمية

مكتبه: مسعود بارزاني يصل بغداد اليوم بزيارة رسمية

2024-07-03 10:40 15
لسرقتها ستمائة مليون دينار... السجن لأمين صندوق في زراعة الديوانية بالسجن 15 سنة

لسرقتها ستمائة مليون دينار... السجن لأمين صندوق في زراعة الديوانية بالسجن 15 سنة

2024-07-03 10:01 16
مانشستر سيتي الإنجليزي يضم لاعب برازيلي كأولى صفقاته الصيفية

مانشستر سيتي الإنجليزي يضم لاعب برازيلي كأولى صفقاته الصيفية

2024-07-03 09:56 12
الشركة العامة للكهرباء تعلن إضافة 120 ميغاواط في كركوك

الشركة العامة للكهرباء تعلن إضافة 120 ميغاواط في كركوك

2024-07-03 09:42 15
اختلاف بدرجات الحرارة... تعرفوا حالة الطقس خلال الأيام المقبلة بالعراق

اختلاف بدرجات الحرارة... تعرفوا حالة الطقس خلال الأيام المقبلة بالعراق

2024-07-03 09:32 18
عالمياً... النفط يرتفع بعد بيانات عن انخفاض في المخزونات الأمريكية

عالمياً... النفط يرتفع بعد بيانات عن انخفاض في المخزونات الأمريكية

2024-07-03 08:57 13
السوداني يرعى حفل تخرج ضباط الدورة 112 في الكلية العسكرية الأولى

السوداني يرعى حفل تخرج ضباط الدورة 112 في الكلية العسكرية الأولى

2024-07-03 08:22 19