المطلع
عاجل

post-image

دمج الدولتين.. مراكز تقترح حل جديد لازمة فلسطين وسط توقعات بخسارة بايدن الانتخابات


13:17 خاص بـ "المطلع"
2023-11-24
503
لما يقارب الشهرين، ما تزال قوات النظام الإسرائيلي حتى اللحظة بشن هجماتها "الوحشية" بحسب وصف وسائل الاعلام والمنظمات الدولية ضد قطاع غزة مع وصول "نافذة الشرعية" التي تعمل إسرائيل على استخدامها كمبرر لما تقوم به في فلسطين عبر سياسة "الدفاع عن النفس" التي تذرعت بها، وادت الى تدهور علاقاتها مع المجتمع الدولي وحلفائها السابقين مثل تركيا الى درجات غير مسبوقة.

تلك العمليات وعلى الرغم من تاثيراتها المباشرة على الاقتصاد الإسرائيلي والمشاكل التي قادت اليها داخليا مع فقدان رئيس وزراء النظام الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما تبقى له من شعبية قبيل عملية طوفان الأقصى، وظهور توقعات سياسية بخسارته الانتخابات المقبلة حتى في حال الفوز في الحرب التي يقودها حاليا ضد قطاع غزة، أدت الى تاثيرات جانبية واسعة أخرى ظهرت ليس في إسرائيل فقط، بل على اهم حلفائها، الولايات المتحدة.

تشهد السياسة الامريكية الداخلية حاليا تغيرا "جذريا" في المواقف نتيجة لاستمرار ما وصفته المنظمات الدولية بــ "المجازر الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين مع تصاعد حدة العمليات العسكرية الأرضية التي تقوم بها داخل قطاع غزة بدعم "مستمر وغير مشروط" من الإدارة الامريكية برئاسة جو بادين، ذلك التغير باتت تقوده توقعات بــ "خسارته" الانتخابات نتيجة لدعمه إسرائيل.

الخسارة المتوقعة لكل من بايدن ونتنياهو في الانتخابات المقبلة بسبب الجرائم الحالية التي يرتكبها النظام الإسرائيلي في فلسطين، وإصرار تل ابيب على رفض حل الدولتين الذي عملت الولايات المتحدة على حصد التاييد  له من قبل القادة العرب، قاد الى ظهور متصاعد لدعوات جديدة صدرت عن صحف ومراكز تحليل اجنبية مختصة، لا تطالب هذه المرة بانشاء دولة فلسطينية مقابل الاعتراف بدولة إسرائيل، بل بإلغاء إسرائيل كليا.

فقدان الولايات المتحدة لحلفائها في الشرق الأوسط نتيجة لدعمها إسرائيل مثل أيضا احد اهم العوامل التي تقف خلف ظهور الدعوات الجديدة بحسب وصف معهد كارنيغي الأمريكي، الذي اعلن ان واشنطن أصبحت "بعيدة جدا" عن دورها السابق في الشرق الأوسط الى الدرجة التي "تعجز" معها عن إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية من خلال مقترح حل الدولتين الذي كان على طاولة المفاوضات سابقا، معلنة ان الحل النهائي الان بات بيد دول المنطقة، واهمها الدول العربية ذاتها، وليس الولايات المتحدة.

 

الحل الأمريكي "فشل".. وحان الوقت لحل "عربي

المعهد الأمريكي اعلن من خلال تقرير نشره في السابع عشر من نوفمبر الحالي، ان الولايات المتحدة "فشلت" في تنفيذ سياستها داخل فلسطين التي كانت تحاول من خلالها حصد التاييد من قادة المنطقة، وخصوصا قادة الدول العربية، لما وصفه المختصون عبرها بــ "حل الدولتين"، الذي يتضمن اعتراف دول المنطقة بسيادة إسرائيل مقابل انشاء دولة فلسطينية مستقلة.

الحل الذي حاولت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذه بشكل جدي، وتبعه في ذلك إدارة الرئيس الحالي بايدن، شهد معارضة إسرائيلية شديدة من نظامها السياسي الحالي الذي يوصف بــ "المتشدد" بحسب المعهد، والذي يرى في إقامة دولة فلسطينية "تهديدا" لامن إسرائيل بالإضافة الى منعها من توسعة مستوطناتها الحالية، وفقدان سيطرتها على الضفة الغربية التي تخضع للأحكام العرفية الإسرائيلية منذ أعوام.

التقرير اكد ان تصاعد حدة الصراع و"فقدان" عدد كبير من المدنيين نتيجة لاستمراره أدى الى تصاعد في شدة الأصوات التي تطالب الإدارة الامريكية بإيجاد حل نهائي مرة وللابد لمشكلة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، موضحا ان على الإدارة الامريكية "تغيير سياستها" الحالية بشكل كبير وخاضع لشروط، امر لم يعد ممكنا تحت إدارة بايدن بحسب وصف المعهد نتيجة لدعمه غير المشروط الذي قدمه لإسرائيل خلال عملياتها العسكرية الحالية، وافقد واشنطن قدرتها على التوسط لدى القادة العرب للقبول بحل الدولتين.

الامر الان بات متروكا بالكامل لقادة المنطقة وخصوصا القادة العرب، بحسب وصف المعهد، الذي بين ان الدول العربية الان وبعد "تخلصها" من قيود علاقتها مع الولايات المتحدة نتيجة لدعمها المستمر وغير المشروط لإسرائيل، بات بإمكانها التحرك "بشكل منفصل" عن السياسة الامريكية لتحقيق سلام دائم ومستمر في فلسطين مع الإسرائيليين اليهود المقيمين هناك من خلال صفقات سياسية تأخذ بنظر الاعتبار الشروط التي فشلت إدارة بايدن بتحقيقها.

وأوضح "اهم تلك الشروط هي الاعتراف بحق كلا الطرفين، الفلسطينيين والإسرائيليين في الحياة، حقوق الانسان، الهوية الثقافية والتعبير عن الذات بامان"، بالإضافة الى "مكافحة الاسلامفوبيا ومعاداة السامية بشكل متوازن وجدي، ومنع استهداف المدنيين تحت أي مبرر او لتحقيق أي هدف"، بحسب وصفه، مؤكدا ان الدول العربية باتت قادرة الان على تحقيق هذه الأهداف بالاتفاق مع إسرائيل بعيدا عن الولايات المتحدة التي فشلت حتى اللحظة في تحقيق سلام دائم في المنطقة.

تقرير المعهد اكد أيضا ان القضية الفلسطينية والتي تعرضت الى "التجاهل والنسيان مؤخرا" نتيجة لــ "عدم رغبة الجهات المشتركة او عدم قدرتها على التوصل الى اتفاق"، عادت مرة أخرى الى الواجهة الان بعد هجوم منظمة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، وتضاعفت تاثيراتها على العالم نتيجة للدعم الأمريكي "منقطع النظير" لإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية والحلفاء السابقين لواشنطن في المنطقة ومنهم السعودية دول الخليج، التي قللت بشكل كبير من علاقاتها مع الإدارة الامريكية نتيجة لسياستها الحالية.

الهجوم الذي وضع القضية الفلسطينية الان امام انظار العالم والجهات المعنية، ساهم بشكل كبير في "ولادة" المزيد من المبادرات والدعوات بالإضافة الى المقترحات حول القضية الفلسطينية، بالإضافة الى وجود "تهديدات" متنامية في منطقة الشرق الأوسط باتت تهدد مصالح دول العالم نتيجة للتحركات الإسرائيلية والقلق "الدولي" من ان تؤدي الى ردود فعل واسعة في المنطقة تشعل "حربا غير مسبوقة" تعطل من التجارة الدولية في المنطقة "الحساسة جدا" للعالم لدورها الكبير في طرق التجارة الدولية وتوفير الطاقة.

تلك الحلول والمقترحات الجديدة باتت تحظى بدعم متنامي وكبير بعد "ياس" العالم من قدرة الولايات المتحدة على تحقيق السلام في الشرق الأوسط وتحولها الى "قوة مرفوضة" في الشارع العربي بشكل كبير جدا بسبب دعمها اسرائيل بالشكل الحالي دون العمل على توفير حلول سلمية او وساطة واقعية كما كانت تفعل سابقا، بحسب وصف المعهد، الذي اكد أيضا ان الكرة باتت الان في ملعب الدول العربية خصوصا ودول المنطقة بشكل عام، بالأخذ بنظر الاعتبار فقدان إسرائيل "وهم القوة العسكرية" الذي كانت تستخدمه سابقا كورقة ضغط سياسية في المنطقة، بحسب وصفه.

الإدارة الامريكية التي قال المعهد انها كانت سابقا "لاعبا مهما واساسيا في جهود السلام بين إسرائيل وفلسطين"، فقدت الان "الطريق وباتت لا تملك الرؤية اللازمة للعمل على هذا الأساس"، مشددا "في الشرق الأوسط والسياسة الدولية اليوم، الدول العربية هي التي تملك مقاليد الحل بدعم مباشر وكبير من المجتمع الدولي لوضع الية وخطط لتحقيق السلام الدائم دون الحاجة الى الولايات المتحدة".

المعهد الأمريكي شدد أيضا على ان الدعم المستمر من الولايات المتحدة لإسرائيل "أدى الى نتيجة عكسية في تحقيق جهود السلام"، موضحا "السياسة الخارجية الامريكية الحالية التي ترى في امن إسرائيل أولوية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، شجعت إسرائيل ونظامها السياسي على النظر الى السلطة الفلسطينية كمنافس بدلا من عامل سلام، الامر الذي "عمق" من الازمة والنتائج الحالية السلبية لاستمرارها، بالإضافة الى موقف الاتحاد الأوروبي المتذبذب بين اعضاءه حول دعم إسرائيل او تحقيق سلام في المنطقة، وانشغاله بالحرب الدائرة حاليا في أوكرانيا، أدى الى "نتائج كارثية" في توسعة الازمة الى المستوى الحالي.

العوامل الحالية بحسب المعهد تركت الحل بيد الدول العربية مع ظهور مقترحات جديدة لحلحلة الازمة ليس بناءا على المقترحات الامريكية السابقة المتمثلة بخيار حل الدولتين، بل بأخرى جديدة باتت تكتسب الدعم الدولي والشعبي عبر العالم، بالإضافة الى اكتساب الشرق الأوسط "جهودا دبلوماسية متجددة وطويلة الأمد"، حرصت على تحقيق السلام بين الدول المتعادية سابقا ومن أهمها إيران والسعودية، ليكون أبرز الحلول المقترحة حاليا هو "الغاء إسرائيل".

 

بايدن يتجه نحو "خسارة" الانتخابات و"ثورة" داخل حزبه.. فلسطين قضت على أحلامه

تاثيرات غزة المباشرة على العملية السياسية في إسرائيل والولايات المتحدة، عبرت عنها صحيفة الغارديان البريطانية بشكل واضح من خلال تقرير نشرته في الثالث والعشرين من نوفمبر الحالي، معلنة ان التوقعات الحالية تشير الى خسارة بايدن ونتنياهو الانتخابات المقبلة، ومؤكدة ان حرب غزة "قضت" على أحلام بايدن بولاية ثانية في المكتب البيضاوي.

الغارديان أوضحت ان "فشل" بايدن في التعاطي سياسيا وبشكل محايد مع الازمة الحالية، تركته "ضعيفا وعرضة للخسارة المؤكدة" امام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، موضحة "ترامب الكاذب والمخادع، صاحب السجل الكارثي في التصريحات والمواقف العنصرية والتوجهات الدكتاتورية والذي يواجه تهما باثنين وتسعين جنحة، بات اكثر حظوظا من بايدن في الفوز في الانتخابات المقبلة، نتيجة للفشل الذريع الذي اظهرته إدارة بايدن في التعاطي مع الازمة في غزة"، بحسب وصفها.

الصحيفة اكدت عبر تقريرها ان بايدن وصل الى مراحل متقدمة من "الفشل" نتيجة لتعاطيه مع ازمة غزة للدرجة التي جعلت من ترامب مفضلا حاليا لدى الناخبين، وخصوصا من طبقة الشباب والناشطين السياسيين الأمريكيين، الذين يظهرون مواقف واضحة ومستمرة التصاعد دعما للقضية الفلسطينية ضد النهج الإسرائيلي الذي تدعمه إدارة بايدن.

توقعات الصحيفة بخسارة بايدن الانتخابات أكدته صحيفة النيويورك تايمز الامريكية، التي قالت ان أسباب خسارته المتوقعة ستكون "حرب غزة" التي فشل خلالها في ان يكون لاعبا أساسيا في تحقيق السلام والحفاظ على استقرار الشرق الأوسط، حيث يرى الناخبون بحسب استطلاعات الراي التي أجرتها، ان نهج إدارة بايدن الحالي لن يؤدي فقط الى "زعزعة استقرار الشرق الأوسط امنيا"، بل "سيضع المصالح والارواح الامريكية في خطر بالإضافة الى تصعيده خطرا اخر متمثلا بالصراع الدولي مع روسيا والصين نتيجة لسياسته الخارجية"، بحسب وصفها.

تصرفات بايدن الحالية أدت به ليس لفقدان الدعم المحلي الأمريكي، بل لتغير الموقف الدولي من ادارته، حيث اكدت الصحيفة ان تشكيك بايدن وبشكل "مزعح" بارقام الضحايا التي صدرت عن وزارة الصحة في قطاع غزة، جعلت منه "متطرفا" في الراي لصالح إسرائيل بنظر المجتمع الدولي، مؤكدة ان ارقام وزارة الصحة في قطاع غزة قد تم تاكيدها من المنظمات الدولية واعتمدت بشكل رسمي حتى من قبل الأمم المتحدة بشكل سابق، الامر الذي جعل من تصريحات بايدن "مزعجة" للمجتمع الدولي، بحسب وصفها.

فقدان بايدن الشعبية لم تتوقف فقط عند الأوساط الدولية والمحلية الامريكية، بل تعدته أيضا الى وزارته، حيث اكدت صحيفة هاريتز الإسرائيلية، ان الناطق باسم مجلس الام القومي الأمريكي جون كيربي، أوضح خلال تصريحات سابقة عدم وجود ثقة لدى الأمريكيين من قيام الحكومة الإسرائيلية باتخاذ ما يلزم لتقليل الضحايا المدنيين للعمليات العسكرية التي تنفذها في قطاع غزة، الامر الذي فسرته بوجود "انشقاق" في داخل الإدارة الامريكية ورغبة من المسؤولين الأمريكيين بــ "ابعاد انفسهم"، عن مواقف بايدن المؤيدة لإسرائيل، بحسب وصفها.

الغارديان البريطانية أوضحت ان المؤشرات الحالية لا تشير فقط الى وجود غضب لدى الناخبين الشباب المؤيدين للحزب الديمقراطي، بل غضب كبير أيضا داخل ساسة وأعضاء الحزب ذاتهم، بالإضافة الى الأمريكيين المسلمين الذين كانوا جزءا كبير من نجاح حملته الانتخابية سابقا، مؤكدة بان الحزب الديمقراطي يتجه نحو "ثورة" داخلية ستطيح ليس فقط ببايدن، بل باعضاء حزبه المؤيدين لدعمه الحالي لإسرائيل، بحسب وصفها.

الصحيفة كشفت أيضا عن وجود ما وصفتها بـــ "العديد من مذكرات الاحتجاج الداخلية" التي قامت الخارجية الامريكية بارسالها الى البيت الأبيض حول دعمه الحالي لإسرائيل ورفضه الطلب منها إيقاف اطلاق النار، مؤكدة أيضا ان الخلافات الداخلية في الحزب الديمقراطي وصلت الى "مراحل غير مسبوقة" بعد قيام حكومة بايدن بــ "اسكات" ممثلتهم في الكونغرس رشيدة طالب، والتي تمثل الامريكية الوحيدة من أصول فلسطينية داخل الحزب نظرا لمواقفها الداعية لايقاف الحرب.

وتابعت "ما يقوم به بايدن والحزب الديمقراطي ضد اعضاءه، أصبحت نتيجة واضحة كالكتابة على الجدران، الحزب الان شاب بمعظم اعضاءه السياسيين ويساري الميول وغير ابيض ويطالب بشكل واضح واكثر صرامة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على القطاع المحاصر"، موضحة "الفرق الجيلي بين بايدن وأعضاء الحزب الديمقراطي الذين باتوا من الشباب واضح جدا الان، بايدن الذي اتى من جيل اقرب الى الهولوكوست الذي تعرض له اليهود في أوروبا يؤمن بشكل كبير بقدرة المشروع الصهيوني على حماية اليهود، فيما يرى الشباب واهمهم، كوادر الحرب داخل الحكومة، المصوتين، وأعضاء الحزب في الكونغرس، ان دعم المشروع الصهيوني سيؤدي الى تكرار سيناريو الحرب على الإرهاب وما أدى اليه من اعمال انتقامية وحروب غير مجدية وجدت الولايات المتحدة نفسها تخوضها دون نتيجة"، بحسب وصفها.

في نهاية تقرير الصحيفة، اعتبرت ان الفرق الكبير في ادراك الجيلين، يختلف بين بايدن والشريحة الأكبر من أعضاء الحزب الديمقراطي، الذين لا ينظرون الى دروس القرن العشرين والحرب العالمية الثانية كما يفعل بايدن، بل الى القرن الواحد والعشرين وما تورطت به الولايات المتحدة خلال حربها "الفاشلة" على الإرهاب، مؤكدة "نتيجة الانتخابات المقبلة ستكون خسارة بايدن ما لم يجد طرفي الصراع داخل الحزب الديمقراطي أرضية مشتركة جديدة".

 

ما بعد بايدن.. الغاء إسرائيل ودمج الدولتين هو الخيار الأكثر جدية الان

فشل إدارة بايدن في التعامل مع ازمة غزة وفقدانه المستمر للدعم المحلي ليس فقط من حزبه، بل من الناخبين الأمريكيين بالإضافة الى استمرار "نزيف الحلفاء" الذي تتعرض له الإدارة الامريكية في المنطقة نتيجة لدعمها إسرائيل بالشكل الحالي ووجود سيناريوهات تشير الى تدخل روسي وصيني "يقضي" على الدور الأمريكي في الشرق الأوسط بشكل كامل، جعل بوصلة العالم تتجه نحو خيارات جديدة بعيدة عن تلك التي تتبناها الإدارة الامريكية وتفشل منذ سنوات في تطبيقها، واهمها حل الدولتين.

صحيفة سيدني مورننغ هيرالد وفي تقرير نشرته في الثامن عشر من الشهر الحالي، سلطت الضوء للمرة الأولى على الخيارات الجديدة لحل المعضلة في الشرق الأوسط وتحقيق سلام دائم، واهمها المقترح الحالي الذي يشهد اعتناقا كبيرا بين الأوساط المعنية، وهو حل "الغاء إسرائيل".

الحل الذي تحدثت عنه الصحيفة والذي بات الان محط اهتمام الصحف ومراكز التحليل الأجنبية، تلخص في الغاء حل الدولتين الذي تسعى الإدارة الامريكية لتطبيقه، واستبداله بخيار "دمج الدولتين"، حيث أوضحت ان إقامة بلدين، لشعبين مختلفين على هذه الأرض سيؤدي الى تفاقم الازمات والصراعات بينهما، مؤكدة ان الخيار الأفضل الان هو دمج الدولتين بدولة واحدة جديدة تعامل جميع مواطنيها بعدالة ومساواة ويخضع جميع سكانها، مسلمين، يهود ومسيحيين، الى ذات القانون ويشاركون في ذات السلطة.

الصحيفة اكدت أيضا ان القادة الغربيين يكررون في كل مرة يشهد الشرق الأوسط "اشتعالا في الأوضاع الأمنية"، ان حل الدولتين هو الحل الأمثل على الرغم من عملهم المسبق بــ "استحالة تحقيقه نظرا لحاجته الى فرض الضغط على الطرف الأقوى في المعادلة، إسرائيل، والتي لا تبدي أي اهتمام بمنح الفلسطينيين دولة خاصة بهم نظرا لمساعيها الاستعمارية وهوسها بتوسعة مستوطناتها".

الخطاب الذي تطلقه إسرائيل في أهمية ان تحقق "النبوءة" بإقامة دولة تمتد من "النيل الى الفرات"، يضم أراضي تعود لبلدان عربية أخرى من بينها مصر، العراق، السعودية ولبنان وسوريا، بالإضافة الى الأردن، الامر الذي قالت الصحيفة انه سيؤدي في النهاية بإسرائيل الى دوامة عنف تكون الطرف الخاسر فيها، الامر الذي يجعل من مساعي إقامة دولتين امرا "غير مجدي" نظرا لتوقعات استمرار إسرائيل بنهجها الحالي التوسعي على حساب ليس فقط فلسطين، بل الدول العربية في المنطقة، بحسب وصف الصحيفة.

وتابعت "الحل الحقيقي الممكن تحقيقه الان والذي يضمن عدم استمرار المتطرفين في إسرائيل بمساعيهم الاستعمارية التوسعية، هو إقامة دولة جديدة يؤسسها الفلسطينيين والإسرائيليين معا"، مؤكدة "هذه ليست فكرة يوتيوبيا غير قابلة التطبيق، فعلى الرغم من وجود متطرفين يهود واسلاميين يرفضون هذا الحل، الا ان الواقع يقول بان غالبية الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بات يرى الان بوضوح بان الطريق الوحيد للامام ولتحقيق حياة امنة وعادلة هو التحرك السريع نحو انشاء دولة واحدة تحت قانون واحد، وليس بالشكل الحالي الذي يمنح اليهود قانونا، ويحرم الفلسطينيين منه"، بحسب وصفها.

المقترح الذي سلطت عليه الضوء الصحيفة لأول مرة عبر الاعلام العام، لم يكن جديدا، بل ظهر من خلال استطلاعات راي قامت بها مراكز تحليل اجنبية، من أهمها مجلس شيكاغو للشؤون الدولية، والذي اكد في التاسع من أكتوبر الماضي، ان استطلاعات الراي التي جرت في الولايات المتحدة اثبتت بان الأمريكيين يؤيدون بغالبية ست اشخاص من بين كل عشرة، إقامة دولة واحدة تضم الفلسطينيين والإسرائيليين.

ذلك الموقف عكسه أيضا موقف الإسرائيليين والفلسطينيين انفسهم، حيث اكدت شبكة ذا ميديا لاين في تقرير نشرته العام الماضي، ان استطلاعات الراي التي جرت داخل الضفة الغربية، غزة وإسرائيل، اثبتت ان الغالبية ترى في إقامة دولة واحدة لكلا الشعبين امرا "ضروريا ومهما" لتحقيق السلام الدائم في المنطقة، وإيقاف المساعي التوسعية التي يقودها المتطرفين داخل حكومة تل ابيب، والتي اشارت الى انها تركت اثرها السلبي على المواطنين الإسرائيليين الذين باتوا "قلقين" من ان تؤدي تلك المساعي الى حروب واسعة تتورط فيها إسرائيل، امر تحقق لاحقا بعد عملية طوفان الأقصى.

وسائل الاعلام ومراكز التحليل الأجنبية، اتفقت على ان مساعي إقامة "دولتين منفصلتين" لن تكون "مستحيلة التحقق" فقط نظرا للأطراف المتعصبة من الجانبين وخصوصا داخل الحكومة الإسرائيلية، بل ستؤدي الى مزيد من العنف والتشتت على المدى البعيد، امر يمكن تفاديه من خلال إقامة دولة موحدة تجمع الطرفين تحت قبة رعاية دولية، وترعى مصالح وحقوق جميع الأطراف تحت سلطة قانون موحد.

ذا ميديا لاين اكدت أيضا ان الساسة الفلسطينيين داخل السلطة الحالية في الضفة الغربية، اكثر ميلا للاقتناع بحل الدولة الواحدة من السلطة الإسرائيلية التي يسيطر عليها "المتشددين"، بحسب وصفها، مؤكدة ان الحل الوحيد المتاح حاليا، هو حل الدولة الواحدة والذي أصبحت الأوضاع الحالية دليلا غير قابلا للنقض على ضرورة تطبيقه في اسرع وقت ممكن، على الرغم من المعارضة الشديدة التي ستظهر من الأطراف "الأكثر تشددا" لدى الطرفين، بحسب وصفها.

حتى الان، ما يزال مقترح "الغاء إسرائيل ودمجها مع فلسطين في دولة واحدة"، جديدا نسبيا على الساحة الدولية، وعلى الرغم من "التحديات الكبيرة" التي تواجه هكذا حل، بحسب اتفاق وسائل الاعلام الأجنبية ومراكز التحليل وتعبير شبكة ذا ميديا لاين، الا انه اكثر قابلية للتطبيق من حل الدولتين، وسيؤدي الى إيقاف موجة التعصب والتشدد الذي شهدتها المنطقة خلال الفترة الماضية، وتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، امر لعبت الحرب في غزة والهجمة الإسرائيلية فيها الدور الكبير في توسعة الدعم الدولي له على مستوى دولي، دبلوماسي وشعبي.

مقترح حل الدولة الواحدة ورغم حصوله على تغطية إعلامية كبيرة وغير مسبوقة للمرة الأولى منذ ظهوره، اصبح الان المقترح الأكثر اعتناقا في العالم بين العوام والمختصين، ليدفع الى جنب، مقترح الولايات المتحدة بحل الدولتين، الذي اصبح الان لا يؤخذ بجدية من الأطراف واللاعبين الدوليين، الذين باتوا يدركون بانه قد يكون مجرد "محاولة أخرى" من الولايات المتحدة لضمان استمرار الصراع في المنطقة لاسباب سياسية واقتصادية، امر يتوقع ان ينتهي بشكل كلي في حال تم اعتناق حل الدولة الموحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

الولايات المتحدة من جانبها، لم تعلن حتى الان عن موقفها من حل الدولة الموحدة وإلغاء إسرائيل، لكن التوقعات تؤكد ان موقف واشنطن لن يكون ذو فاعلية كبيرة في حال رفضها نظرا لفقدانها دورها في المنطقة، بالإضافة الى انقلاب الراي العام المحلي والدولي ضدها نتيجة لدعمها إسرائيل بشكل كامل في الصراع الحالي، وتوسع نفوذ ودور الدول العربية في معادلات تقرير مصير المنطقة.

قد تشهد الأعوام المقبلة بحسب توقعات المراكز والصحف الأجنبية، ظهور دولة جديدة تجمع بين إسرائيل وفلسطين في كيان رسمي واحد يضمن حقوق جميع سكانه دون تمييز، امر باتت بوصلة العالم تتجه نحوه مع استمرار المجازر التي ترتكبها إسرائيل تحت سلطة "المتشددين" ضد الفلسطينيين واستحالة تحقق حل الدولتين الذي تسعى واشنطن ذات الدور المتراجع لتطبيقه.

كلمات مفتاحية

اخبار ذات صلة

تعليقات

أحدث الاخبار

اكتشاف عقار روسي جديد لعلاج سرطان البروستاتا!

اكتشاف عقار روسي جديد لعلاج سرطان البروستاتا!

2024-07-04 01:35 7
عدنان درجال: أوتريخت الهولندي جدد رفضه السماح بتفريغ اللاعب "زيدان إقبال"

عدنان درجال: أوتريخت الهولندي جدد رفضه السماح بتفريغ اللاعب "زيدان إقبال"

2024-07-04 01:05 6
إدارة نادي النفط تنهي عقد المدرب باسم قاسم

إدارة نادي النفط تنهي عقد المدرب باسم قاسم

2024-07-04 00:47 10
"المطلع" تنشر مخرجات اجتماع الإطار التنسيقي بحضور السوداني وبارزاني

"المطلع" تنشر مخرجات اجتماع الإطار التنسيقي بحضور السوداني وبارزاني

2024-07-04 00:36 16
البيت الأبيض: بايدن لا يدرس الانسحاب من الانتخابات الرئاسية

البيت الأبيض: بايدن لا يدرس الانسحاب من الانتخابات الرئاسية

2024-07-04 00:22 6
الجيزاني: زيارة بارزاني جاءت لترسيم العلاقات وهي تتويج لحراك إيجابي بين بغداد والإقليم

الجيزاني: زيارة بارزاني جاءت لترسيم العلاقات وهي تتويج لحراك إيجابي بين بغداد والإقليم

2024-07-03 23:49 9
وزير الكهرباء يوجه ‏بإرسال "250" محولة لضمان تجهيز مستقر للطاقة بكربلاء خلال محرم

وزير الكهرباء يوجه ‏بإرسال "250" محولة لضمان تجهيز مستقر للطاقة بكربلاء خلال محرم

2024-07-03 23:16 16
مانشستر يونايتد سيعرض "راشفورد" للبيع خلال الميركاتو الصيفي المقبل

مانشستر يونايتد سيعرض "راشفورد" للبيع خلال الميركاتو الصيفي المقبل

2024-07-03 23:11 9
دراسة حديثة: "هرمون الحب" قد يساعد في علاج السمنة

دراسة حديثة: "هرمون الحب" قد يساعد في علاج السمنة

2024-07-03 23:06 8
مصدر: مسلحون يسلبون شخصاً مليار دينار عراقي وسط العاصمة بغداد

مصدر: مسلحون يسلبون شخصاً مليار دينار عراقي وسط العاصمة بغداد

2024-07-03 22:58 10
العثور على امرأة ميتة بجوف ثعبان ابتلعها في إندونيسيا

العثور على امرأة ميتة بجوف ثعبان ابتلعها في إندونيسيا

2024-07-03 22:52 10
"ميتا" تقدم نموذج جديد من الذكاء الاصطناعي يحول النص لصور ثلاثية الأبعاد

"ميتا" تقدم نموذج جديد من الذكاء الاصطناعي يحول النص لصور ثلاثية الأبعاد

2024-07-03 22:45 8
جيف بيزوس يقدم طلباً لبيع "5" مليارات دولار من أسهم أمازون

جيف بيزوس يقدم طلباً لبيع "5" مليارات دولار من أسهم أمازون

2024-07-03 22:31 11
مصدر: قصف مدفعي وجوي عنيف يستهدف مواقع عمالية شمالي دهوك

مصدر: قصف مدفعي وجوي عنيف يستهدف مواقع عمالية شمالي دهوك

2024-07-03 22:16 8
بكين تطالب أمريكا بالتوقف عن نهب موارد سوريا وتعويض الشعب السوري

بكين تطالب أمريكا بالتوقف عن نهب موارد سوريا وتعويض الشعب السوري

2024-07-03 22:07 12
النائب "نورس العيسى" تعلن الانسحاب من تقدم والإنضمام إلى كتلة المبادرة

النائب "نورس العيسى" تعلن الانسحاب من تقدم والإنضمام إلى كتلة المبادرة

2024-07-03 22:02 13
ائتلاف إدارة الدولة يعقد اجتماعاً ببغداد بمشاركة مسعود بارزاني

ائتلاف إدارة الدولة يعقد اجتماعاً ببغداد بمشاركة مسعود بارزاني

2024-07-03 21:51 14
العراق يشكل "13" فوجاً عسكرياً إضافياً لتعزيز الأمن على الحدود مع سوريا

العراق يشكل "13" فوجاً عسكرياً إضافياً لتعزيز الأمن على الحدود مع سوريا

2024-07-03 21:47 18