المطلع
عاجل

post-image

لقاء مصالحة الأسد و أردوغان... عنوان قد يتصدر قريبا

الكاتب: ادارة الموقع


12:12 مقالات عامة
2022-12-30
403
هل سيؤدي لقاء وزيري الدفاع السوري والتركي في موسكو إلى “تعجيل” القمة بين الأسد وأردوغان؟ ولماذا قد تُشكّل زيارة الرئيس الإيراني المتوقّعة لدمشق اختراقا رئيسيا في هذا الملف؟ وما هي خيارات الرئيس السوري الأخرى إذا تمسّك برفض القمة؟

يبدو أن الملف السوري سيتقدّم على نظيره الأوكراني، ولو مؤقّتا في الأيام القليلة المقبلة، و خاصة الجانب المُتعلّق بترتيب لقاء قمّة في أسرع وقت ممكن بين الرئيس السوري بشار الأسد و نظيره التركي رجب طيب أردوغان للتوصّل إلى اتفاق مصالحة أمني و عسكري و سياسي، يُحقّق معظم المطالب السورية في إطار ضمانات روسية إيرانية.

إعلان وكالة الإعلام الروسية المفاجئ ،يوم الأربعاء، نقلا عن مصدر مهم في وزارة الدفاع بأن لقاءً ثلاثيا ضم وزراء دفاع سورية وتركيا وروسيا أجروا “محادثات في موسكو” وتم بحث سُبُل حل الأزمة السورية، ومشكلة اللاجئين والجهود المشتركة لمحاربة الجماعات المتطرفة في سورية، وأضافت الوكالة “لاحظ رؤساء وزارة الدفاع في البلدان الثلاث الطبيعة البنّاءة للحوار ونتائج الاجتماع في هذا الشكل وضرورة استمراره”.

هذا اللقاء بين وزيري الدفاع السوري والتركي تحت مظلة روسية يُشكّل خطوة تمهيدية مُتقدّمة لترتيب لقاء المُصالحة المُنتظر بين الرئيسين السوري والتركي، لأنه تناول القضايا الأهم التي تقف حجر عثرة في حدوثه، وأهمها مسألة الهجوم البري التركي الذي تعارضه روسيا لإقامة المنطقة الآمنة على الحدود التركية السورية لتوطين اللاجئين، و مستقبل الجماعات المسلحة في منطقة إدلب، وعودة اللاجئين.

نتائج هذا الإجتماع الثلاثي لوزراء الدفاع ، و حصول القيادة السورية على الضمانات المطلوبة بشأن تنفيذ ما يمكن الاتفاق عليه، و اطمئنانها الكُلّي على التزام أردوغان شخصيا بالتنفيذ، كلّها عوامل مُهمّة لإعادة العلاقات بين الدولتين الجارَين و تحقيق مطالبهما الأمنية و السياسية اللازمة.

أردوغان الذي يواجه ظروفا انتخابية صعبة هذه الأيام بارع في المُناورة، فقد كان يُريد إبقاء المسلحين في إدلب بطريقة أو بأخرى، وكسب الإسلام السياسي داخل تركيا وخارجها، وإعادة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم (3.6 مليون) في الوقت نفسه بعد أن استغلّت المعارضة التركية هذه الورقة في حملاتها الانتخابية، وتعاظُم الغضب الشعبي من وجودهم في ظل أزمة اقتصادية مُتفاقمة في البلاد، وتأمين الحدود التركية من الهجمات الإر*هابية مقابل وعود بتنفيذها بعد الانتخابات القادمة.

الانتخابات التركية، التشريعية والرئاسية باتت ورقة “دسمة” في يد الرئيس السوري بشار الأسد، حيث بات الجميع حلفاء وأعداء يُمارس ضغوطا، مصحوبة بإغراءات، لكسبه إلى جانبهم، فالمعارضة التركية المدعومة أمريكيا تريده إلى جانبها، والوقوف في خندقها في الانتخابات القادمة لإسقاط حزب العدالة والتنمية ورئيسه أردوغان وبتوجيه أمريكا، وتعِد بإبعاد جميع اللاجئين من تركيا، واحترام السيادة السورية ووحدة أراضيها بالانسحاب الكامل، ودفع تعويضات وإعادة الإعمار.

أما الحليفان الرئيسان لسورية أي الروسي والإيراني يريدون بقاء أردوغان في السُلطة، ودعمه للفوز في الانتخابات بكل الطُرُق والوسائل لإيمانهما المُطلق بوقوف المعارضة التركية في الخندق الأمريكي وبقوة في حال فوزها.

الرئيس أردوغان يراهن على الدعم الإيراني الروسي لإقناع الرئيس الأسد بلقائه في أقرب وقت ممكن وإبعاده عن المعارضة التركية، والتوصّل إلى اتفاق معه يُعيد مليون لاجئ سوري على الأقل إلى مدنهم وقُراهم، قبل الانتخابات كدفعة أولى، والتحالف معه لسحق قوات سورية الديمقراطية الكردية، التي يراها ذراعا عسكريا لحزب العمال الكردستاني الانفصالي، وعدم الدخول في أي تحالف معها.

حتى هذه اللحظة يُقاوم الرئيس بشار الأسد جميع الضغوط الروسية والإيرانية للقاء الرئيس أردوغان لأنه لا يثق بالأخير، ويصعُب عليه نسيان طعناته له ولسورية في الظهر بخنجر مسموم، وكل أحاديثه الناعمة (أي أردوغان) حول طي صفحة الماضي، والاعتراف بأنه لا توجد عداوات دائمة، لا يمكن الوثوق بها، وأكّد ذلك السيّد أوهان ميري أوغلو عضو اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية الحاكم عندما قال قبل أسبوعين أن الرئيس الأسد رفض عرضًا روسيا بلقاء أردوغان.

المُعضلة التي تواجه الوسيط الروسي هذه الأيام هي أن الرئيس أردوغان يُعارض تنفيذ الشروط السورية وأبرزها الانسحاب الكلي من الأراضي السورية وعودة إدلب للسيادة السورية مُقابل وضع برنامج لعودة اللاجئين السوريين وحماية الحدود التركية بشكل فوري وقبل قبول الأسد لقائه، ويطرح الرئيس أردوغان تأجيل هذه الشروط والمطالب إلى ما بعد الانتخابات التركية في حزيران (يونيو) المقبل حتى لا يظهر بمظهر الضعيف المُتنازل والخاضع لهذه الشروط، ويخسر الانتخابات القادمة بالتالي.

الخيار الوحيد الذي يُنقذ أردوغان، وعدم انتهائه ونجله وصهره في السجن بتُهم الفساد في حالة خسارته للانتخابات، هو التفاهُم مع الرئيس الأسد الذي قاد أردوغان تحالفا قويا مدعوما بمئات المليارات من الدولارات لإسقاط نظام حُكمه، ولكن هذا الخيار لن يتحقّق الا بشروط سورية التي بات الجميع حتى في أمريكا يطلبون رِضاها، وانحيازها إلى جانبهم بعد الفشل في حرب إسقاط النظام سواء بالحصار أو التدخّل العسكري.

أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية اسطنبول الذي هزم مرشح أردوغان بن علي يلدرم في الانتخابات البلدية، وتُشير استطلاعات الرأي انه سيهزم أردوغان شخصيا في الانتخابات الرئاسية القادمة، التقى السفيرين الأمريكي والبريطاني، وأظهر رغبته في علاقات استراتيجية مع الناتو والزعامة الأمريكية، ولا نعتقد أن محاولة تجريمه، وتوجيه تُهم قضائية له بإهانة السلطة القضائية الانتخابية، ستؤدّي إلى إدانته وانتهاء طموحاته السياسية ومنعه من خوض الانتخابات.

السؤال الذي يطرح نفسه هذه الأيام هو: هل ستنجح الضغوط الروسية والإيرانية في إقناع الرئيس الأسد بتقديم طوق النجاة للرئيس أردوغان، أم انه سيقاومها، ويتجاوب مع إغراءات أمريكية مدعومة بلوبي عربي خليجي، وسيف عقوبات جديدة (قانون الكبتاغون)، وإغراءات بالمُصالحة مع “قسد” واستعادة السيادة السورية على آبار النفط والغاز والمناطق الخصبة في شرق الفرات، ومساعدات مالية ضخمة؟

انعقاد مؤتمر “بغداد 2” في العاصمة الأردنية عمان قبل عشرة أيام الذي حضره الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، ووزيرا خارجية إيران والسعودية، هذا المؤتمر لم يكُن يهدف الى تأمين العراق وتعزيز استقراره، وإنما محاولة أمريكية أوروبية لفتح الحوار مع إيران، وإعادتها إلى مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، بعد تسليم أمريكا بفشلها بإسقاط النظام الإيراني عبر الاحتجاجات الداخلية.

الزيارة المُفترض أن يقوم بها الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي إلى دمشق في أي لحظة ستكون حاسمة، فإما سينجح في إقناع الرئيس الأسد بالتجاوب مع المطالب الروسية الإيرانية، والضمانات المُقدّمة من البلدين، ولقاء الرئيس أردوغان في موسكو في أوائل العام الجديد، والتوصّل معه إلى اتفاق يُكرّس بقاءه في السُلطة ونجاحه في الانتخابات المقبلة، أو يستمر في موقفه الرافض لهذا اللقاء لعدم ثقته بالرئيس التركي الذي يملك تاريخا ضخما في تقض الالتزام بالعهود والاتفاقات؟

لا نملك إجابة حاسمة عن هذا السؤال، ولكننا لا نعتقد أن الرئيس السوري سيُضحّي بسهولة بخسارة الحليفين الرئيسيين لبلاده وحُكمه (روسيا وإيران)، أو هكذا يقول المنطق، إذا كان الثمن المُقابل مُغريًا يُحقّق جميع المطالب السورية مع إدخال بعض التعديلات على أرضية قاعدة “لا يموت الديب ولا تفنى الغنم”.

ولكن من المؤكّد أن المصالحة السورية التركية إذا ما تمّت لن تكون “مصالحة مسح اللحى”.

فالدهاء الشامي أعمق من ذلك بكثير.. والأيام بيننا.

المصدر: صحيفة رأي اليوم
الكاتب: عبد الباري عطوان

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة

تعليقات

أحدث الاخبار

الدفاع تعلن القبض على إرهابيين في محافظتي كركوك والسليمانية

الدفاع تعلن القبض على إرهابيين في محافظتي كركوك والسليمانية

2024-05-21 15:13 3
الإتحادية ترد دعوى رئيس حكومة إقليم كردستان ضد مفوضية الانتخابات

الإتحادية ترد دعوى رئيس حكومة إقليم كردستان ضد مفوضية الانتخابات

2024-05-21 14:50 8
الأمين العام لمجلس النواب يعلن استلام جداول موازنة 2024 من الحكومة

الأمين العام لمجلس النواب يعلن استلام جداول موازنة 2024 من الحكومة

2024-05-21 12:44 18
الرئيس رشيد يؤكد أهمية رفع مستويات التعاون بين العراق وسلطنة عمان

الرئيس رشيد يؤكد أهمية رفع مستويات التعاون بين العراق وسلطنة عمان

2024-05-21 12:36 7
التربية عن أسئلة الثالث المتوسط: واضحة ومن المنهاج الدراسي

التربية عن أسئلة الثالث المتوسط: واضحة ومن المنهاج الدراسي

2024-05-21 12:26 7
وزير العدل يصادق على توصيات لجنة إزالة الآثار السيئة عن الكرد الفيليين

وزير العدل يصادق على توصيات لجنة إزالة الآثار السيئة عن الكرد الفيليين

2024-05-21 12:07 9
الرئاسة السورية تعلن إصابة السيدة الأولى أسماء الأسد بسرطان الدم "لوكيميا"

الرئاسة السورية تعلن إصابة السيدة الأولى أسماء الأسد بسرطان الدم "لوكيميا"

2024-05-21 11:50 12
القضاء يمنح المسيحيين والتركمان بالاقليم "5" مقاعد داخل برلمان كردستان

القضاء يمنح المسيحيين والتركمان بالاقليم "5" مقاعد داخل برلمان كردستان

2024-05-21 11:42 13
قوات الدفاع الجوي اليمنية تسقط طائرة مسيرة أمريكية جنوبي البلاد

قوات الدفاع الجوي اليمنية تسقط طائرة مسيرة أمريكية جنوبي البلاد

2024-05-21 11:31 8
الكهرباء: تفعيل مشروع متلكئ منذ 10 أعوام لتأهيل محطة الدورة الحرارية ‏

الكهرباء: تفعيل مشروع متلكئ منذ 10 أعوام لتأهيل محطة الدورة الحرارية ‏

2024-05-21 11:02 17
أسعار الدولار تسجل استقراراً ببغداد وترتفع بشكل طفيف في أربيل

أسعار الدولار تسجل استقراراً ببغداد وترتفع بشكل طفيف في أربيل

2024-05-21 10:45 11
الجنائية المركزية تحكم بالسجن 15 سنة بحق مدان عن جريمة الدكة العشائرية

الجنائية المركزية تحكم بالسجن 15 سنة بحق مدان عن جريمة الدكة العشائرية

2024-05-21 10:20 11
فرنسا تعرب عن دعمها للجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو

فرنسا تعرب عن دعمها للجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو

2024-05-21 10:06 10
الداخلية: إغلاق "876" مرفق سياحي مخالفة خلال الأربعة أشهر الماضية

الداخلية: إغلاق "876" مرفق سياحي مخالفة خلال الأربعة أشهر الماضية

2024-05-21 09:46 11
دوري نجوم العراق... اليوم أربع مواجهات لحساب الجولة الـ30

دوري نجوم العراق... اليوم أربع مواجهات لحساب الجولة الـ30

2024-05-21 09:41 9
الجيش الإسرائيلي يعلن عن بدء عملية عسكرية في منطقة جنين

الجيش الإسرائيلي يعلن عن بدء عملية عسكرية في منطقة جنين

2024-05-21 09:35 9
انطلاق مراسم تشييع جثمان الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز بمشاركة واسعة

انطلاق مراسم تشييع جثمان الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز بمشاركة واسعة

2024-05-21 09:30 12
أول تعلق من والدة مبابي حول وجهة نجم فرنسا الجديدة

أول تعلق من والدة مبابي حول وجهة نجم فرنسا الجديدة

2024-05-21 09:17 9