وجهت حكومة اقليم كردستان العراق ومسؤولي اربيل البارزين اتهامات للحكومة الاتحادية في بغداد بعدم تنفيذ التزاماتها المالية خاصة بعد مضي ثلاثة اشهر على اقرار الموازنة المالية للبلاد،الا ان جهات رقابية اشرت وجود اشكالات قانونية لدى الاقليم في تنفيذ بنود الموازنة.

مراقبون للشأن السياسي توقعوا عودة الخلاف بين حكومتي بغداد واربيل من بوابة الرواتب والايرادات التي بدت تطفو الى العلن كأزمة جديدة بين الطرفين بعد حالة من الاستقرار وتحسن العلاقة منذ توقيع الاتفاق النفطي بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس حكومة الاقليم.

في وقت سابق اجرى وفد من ديوان الرقابة المالية الاتحادي زيارة الى اقليم كردستان للاطلاع على كافة الارقام والاوراق الخاصة بايرادات الاقليم النفطية وغير النفطية وكذلك حجم الانفاق والرواتب،حيث تضمن قانون الموازنة الاتحادية لعام 2023 شرطا بتسليم الايرادات غير النفطية الى بغداد،ومن ثم يتم تخصيص 50% منها الى هذه المحافظات المنتظمة او غير المنتظمة باقليم التي تتضمن المنافذ الحدودية.

كما أنهت لجنة الرقابة المالية المشتركة مؤخرا عملية تدقيق بيانات إيرادات نفط إقليم كردستان ونفقاته خلال النص الأول من عام 2023 الجاري،حيث أكدت مديرة الشؤون الاقتصادية والعقود في وزارة الثروات الطبيعية بالاقليم غزال عبد الله، أنها المرة الأولى التي تدقق الحكومة الاتحادية بيانات عائدات نفط الإقليم ونفقاته.

حكومة اقليم كردستان لم تصمت طويلا وسرعان ما اطلقت تصريحا طالبت من خلال الحكومة الاتحادية باطلاق دفعات جديدة من رواتب الموظفين.

وتقول الحكومة في بيان صدر عنها،ان استنادا إلى جداول قانون الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2023 فإن الاستحقاقات المالية لإقليم كردستان تبلغ (16) تريليوناً و(498) مليار دينار أي بواقع (1) تريليون و(375) مليار دينار شهرياً يخصص منها (906) مليار دينار كرواتب للإقليم، الا أنه ومنذ تاريخ 1/1/2023 ولغاية الآن صرفت وزارة المالية الاتحادية (2) تريليون و(598) مليار دينار للإقليم منها (400) مليار دينار تعود إلى شهري 11 و12 من سنة 2022، في حين أن جداول قانون الموازنة خصصت لكردستان (11) تريليون دينار لغاية الشهر الثامن من سنة 2023.

وتطرقت الى ان ابتداء من تاريخ 1/1/2023 وزعت الرواتب إلى من يتقاضونها في باقي مناطق العراق بموعدها وفقاً للأرقام الواردة في جداول قانون الموازنة أما بالنسبة لرواتب الإقليم فقد اعتمد معيار الإنفاق الفعلي وجرى اتباع نهج مختلف ألا وهو آلية القروض وهذا غير معمول به في أي منطقة أخرى من العراق،مضيفة ان آخر مبلغ اتخذ قرار بشأنه هو (500) مليار دينار وبصيغة قرض.

وبينت حكومة اقليم كردستان في بيانها ايضا، أنه ليس هناك أي سبب أو مبرر لعدم إرسال رواتب موظفيها ولا بد أن تصرف بعيداً عن الإنفاق الفعلي، ودون أي خلط كما هو الحال بالنسبة لباقي مناطق العراق.

بدوره رئيس حكومة الاقليم مسرور بارزاني،الحكومة الاتحادية بالتنصل عن سداد الاستحقاقات المالية للاقليم في الموازنة،مردفا بالقول ان امتناع بغداد عن إرسال مستحقاتنا المالية المثبتة في الموازنة العامة الاتحادية يعدّ انتهاكاً للاتفاقات الدستورية، ويلحق الضرر بمواطنينا ويقوض الثقة. 

وعقب تصريح بارزاني رد المتحدث باسم الحكومة الاتحادية باسم العوادي، ان بغداد نفذت التزاماتها المالية كاملة تجاه إقليم كردستان وهي بذلت جهودا كبيرة لتقديم الحلول لغاية نهاية شهر حزيران الماضي.

العوادي اوضح في حديث له،ان الأموال التي في ذمة الإقليم بلغت أكثر من ثلاثة أضعاف حصة الإقليم حسب الإنفاق الفعلي للدولة،وحكومة الإقليم لم تسلم الإيرادات النفطية وغير النفطية كما أوجب تسليمها قانون الموازنة.

الى ذلك كشفت اللجنة المالية في مجلس النواب،عن وصول اموال من بغداد لحكومة الاقليم تكفي لدفع رواتب موظفيها للأشهر الثمان الاولى من العام الحالي.

حيث بين عضو اللجنة معين الكاظمي، ان الايرادات النفطية التي بلغت 3 ترليونات و200 مليار دينار لـ3 اشهر الاولى من نفط الاقليم والايرادات غير النفطية ترليون و954 مليار دينار اما 1600 مليار قروض من مصرفي الرافدين والرشيد حتى بلغ المجموع 8 ترليون و80 مليار دينار ماوصل الى اقليم كردستان وهو كافي لتسديد رواتب الاقليم للاشهر الـ8 الاولى لعام 2023.

واستضافت اللجنة المالية في مجلس النواب، الفريق الحكومي المكلف بالتواصل مع ممثلي حكومة اقليم كردستان بشان متابعة تنفيذ المواد الخاصة بالاقليم في قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2023 اذ بين اعضاء الفريق ان هناك بعض الاشكالات القانونية في تطبيق الموازنة من قبل الاقليم والتي اشرها تقرير ديوان الرقابة المالية الاتحادي بناءا على ميزان المراجعات المقدم من قبل ديوان الرقابة المالية ووزارة المالية في الاقليم.

اما وزيرة المالية طيف سامي فقد صرحت بعدم وجود توافق بين هيئة المنافذ الحدودية الاتحادية وإقليم كردستان بشأن توحيد تسعيرة الرسوم الكمركية،مبدية استعدادها في تطبيق نص قانون الموازنة المالية للبلاد وان تكون 50% من إيرادات المنافذ الحدودية الرسمية من نصيب المحافظات في اقليم كردستان.جاء ذلك خلال استضافتها في اللجنة المالية بمجلس النواب.

وفي تصريح لوكالة "المطلع"،اكد النائب السابق في اللجنة المالية النيابية والقيادي في جماعة العدل الكردستانية احمد حمه،ان مسؤولي الاقليم يعرقلون تسليم الايرادات النفطية لبغداد والموظفين الكرد هم الضحية.

حمه،زاد في حديثه بالقول، ان ملف رواتب موظفي الاقليم بات مشكلة حقيقية ويؤثر على الوضع المعيشي للموظفين الكرد ولابد من انهاء معاناتهم اسوة بموظفي الوسط والجنوب والحكومة الاتحادية تعاقب الموظفين في الاقليم بدل المسؤولين الذين يعرقلون تسليم الايرادات النفطية.

فيما بين ان حل هذه المشكلة هو التزام حكومة اقليم كردستان بما جاء في قانون الموازنة وقانون الايرادات المالية حتى يتم ارسال المخصصات من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد.

وتشير تسريبات من مصادر سياسية،الى ان ازمة الايرادات والمستحقات بين بغداد واربيل ابرز اسبابها توقف تصدير حصة الاقليم من النفط التي ترفض تركيا استئنافه عبر ميناء جيهان بعد تداعيات قرار محكمة باريس.

اذ كشف النائب السابق عن الاتحاد الوطني الكردستاني شيروان ميرزا،،عدم توصل العراق في مفاوضاته مع تركيا لحول بشأن استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان.

ميرزا ذكر في تصريحه عبر وكالة "المطلع"،ان المفاوضات بشأن تصدير النفط عبر ميناء جيهان بين العراق وتركيا لم تسفر عن حلول والمفترض على الحكومة الاتحادية استثمار كمية الاقليم البالغة 440 الف برميل عبر تصديرها من منافذ اخرى او استثمارها للحاجة الداخلية في البلد وهذا يقوي موقف العراق امام تركيا التي لم تستأنف تصدير هذه الكمية من النفط.

واستدرك قائلا: على الحكومة الاتحادية ابعاد ملف رواتب موظفي اقليم كردستان عن قضية تصدير النفط وموضوع الانفاق الفعلي كونه بات يؤثر على مصالح المواطنين الموظفين في الاقليم اما عدا ذلك فلن تحل الازمة.