100 الف دونم زراعي و13 مليار دولار.. خسائر العراق بسبب العواصف الترابية وتحذيرات من "مجاعة وعطش"
انتشار العواصف الترابية في عموم البلاد وبشكل غير مسبوق، قالت الأمم المتحدة انه يمثل "أحد العوارض" لعوامل أخرى اثرت على اتساع شدتها في الفترة الأخيرة، عازية الأسباب الى غياب الاهتمام الحكومي بالقطاع الزراعي، وعدم اخذ ازمة المياه بجدية، وسط انحدار كبير في قطاع الزراعة وقدرة البلاد على انتاج الغلل الغذائية الأساسية.
انحدار يأتي وسط خلافات سياسية منعت حتى اللحظة تمرير الحكومة العراقية المقبلة، مما جعل البلاد عاجزة عن تمرير الموازنة الاقتصادية لعام 2022 والتي تعد الأساس الحيوي لامداد الحكومة بالموارد المالية اللازمة لتطبيق برامج مواجهة الازمة، وتقليل تاثيراتها على البلاد، فعلى الرغم من امتلاك العراق سيولة مالية يتوقع ان يصل احتياطها الى تسعين مليار دولار مع نهاية العام الحالي، الا ان السلطات ما تزال غير قادرة على التصرف بهذه الأموال بسبب غياب الموازنة.
تاثيرات العواصف الترابية لم تتوقف فقط عند المخاطر الاقتصادية والصحية بحسب ما بينت الأمم المتحدة، بل تعدته أيضا الى مخاطر امنية غير مسبوقة، حيث بينت شبكة المونيتر، ان تنظيم داعش الإرهابي بات يستغل العواصف الترابية كغطاء لتحركاته داخل العراق وتنفيذ مجموعة من العمليات الإرهابية، حيث تتركز هذه التحركات بحسب الشبكة في محافظة الانبار والمناطق الأخرى المحيطة.
مئة الف دونم يخسرها العراق سنويا بسبب التصحر والعواصف
الاخطار التي باتت تمثلها العواصف الترابية وارتفاع نسب التصحر داخل العراق على الملف الغذائي والأمني، تصاعد خلال الفترة الأخيرة ليصل الى "مستويات غير مسبوقة"، حيث اكدت مديرة دائرة مكافحة التصحر في وزارة الزراعة العراقية راوية العزاوي، ان العراق بات يخسر 100 الف دونم من أراضيه الزراعية كل عام، نتيجة للتصحر والعواصف الترابية.
المسؤولة قالت ان تاثيرات خسارة العراق لاراضيه الزراعية باتت واضحة المعالم، وخصوصا من جانب التاثير على خطط وزارة الزراعة لمواجهة ازمة ارتفاع أسعار الأغذية وتراجع المستوى الزراعي، داعية الجهات المعنية الى وضع "صندوق طارئ" يوفر سيولة مالية للوزارة لمكافحة عمليات التصحر التي باتت تغزو العراق بشكل واسع، على حد تعبيرها.
وتابعت "في حال استمرار الأوضاع الحالية على ما هي عليه، فان المحافظات الجنوبية خصوصا، ستواجه ازمة إنسانية كبيرة في مياه الشرب بالإضافة الى الأغذية، خلال السنوات القليلة المقبلة"، مبينة، ان العراق بحاجة الى مشاريع ري عملاقة تتضمن تطوير أساليب استثمار المياه، بالإضافة الى انشاء عاجل لمجموعة من السدود.
وزارة الزراعة اكدت في وقت سابق، ان العراق خسر بالفعل خمسين بالمئة من انتاج الغلل الأساسية داخل البلاد نتيجة للتصحر والعواصف الترابية، بالإضافة الى التضاؤل الكبير في حصص العراق المائية القادمة من دول المنبع، محذرا من ازمة مياه شرب وغذاء قريبة قد ترمي بالملف الغذائي العراقي في موضع خطر كبير.
وزير الزراعة جاسم الفالحي من جانبه وخلال مؤتمر صحفي اقامته الوزارة الأسبوع الماضي، اكد ان العراق بحاجة الى "صحوة" في مواجهة ازمة التغير المناخي وتاثيراته على الأوضاع العامة في العراق، مشددا على ضرورة ان تقوم الحكومة بــ "تنويع مصادر الدخل" للبلاد في اسرع وقت ممكن خلال الفترة القادمة، لتفادي وقوع ازمة إنسانية كبيرة في البلاد، تحذيرات الوزير تاتي بالتزامن مع تاكيد الأمم المتحدة على ان العراق من ضمن اكثر عشرة دول في العالم معرضة للدمار الاقتصادي والبيئي نتيجة للتغير المناخي ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لدرء الخطر.
الحزام الأخضر العراقي "مدمر" نتيجة للفساد.. العواصف الترابية تكبد خسائر تصل ل 13 مليار دولار
من ضمن الإجراءات الضرورية لمواجهة خطر التصحر، اكدت وزارة البيئة العراقية في ابريل الماضي، على انها تتجه نحو بناء احزمة خضراء حول المدن والمناطق الزراعية العراقية للحد من التصحر بحسب ما أوردت روداو، خصوصا مع تاكيدات الأمم المتحدة، على ان ارتفاع نسب التصحر تاتي نتيجة لاستمرار الجفاف وتضاؤل حصص العراق المائية، بالإضافة الى سوء توظيفها والذي أدى لفقدان البلاد لجزء كبير منها.
شبكة ذا ناشيونال نيوز، اكدت في تقرير نشرته في التاسع عشر من الشهر الماضي، ان العراق "يمتلك حزاما اخضر"، لكنه تعرض للدمار الكامل نتيجة لسنوات من الإهمال الحكومي، والفساد الإداري الذي أدى لتقليل الموارد المخصصة لتطويره وادامته، موضحة "ان ستة عشر عاما من الإهمال والفساد تركت الحزام الأخضر العراقي صحراء قاحلة على الرغم من أهميته القصوى في الظروف الحالية".
الدمار الذي تعرض له الحزام الأخضر خلال الستة عشر عاما الماضية، قاد الى مشاكل اقتصادية كبيرة في العراق، حيث اكدت شبكة السي ان ان في تقرير نشرته في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، ان الخسائر المقدرة نتيجة لارتفاع نسب ووتيرة العواصف الترابية في البلاد قد وصلت الى ثلاثة عشر مليار دولار للعام الواحد، امر أكده البنك الدولي في تقرير منفصل.
الشبكة حذرت من ان العواصف الترابية والتي تتسبب في العادة بتوقف الحياة في مدن العراق بشكل كلي، ستؤثر بشكل كبير على أسعار النفط حول العالم وقدرة البلاد على انتاجه، مبينة، ان الدمار البيئي الذي تتعرض له البلاد سيصعب من عملية استخراج وتصدير النفط، امر سيشمل دول الشرق الأوسط بشكل عام ويؤثر بشكل كبير على سوق الطاقة العالمي.
بالإضافة للخطر الاقتصادي والإنساني.. داعش تستخدم العواصف الترابية لتنفيذ عملياتها
التبعات الاقتصادية والإنسانية لازمة التغير المناخي في البلاد والتي استحوذت على اغلب ردود الفعل الدولية خلال الفترة الماضية، لم تغب عنها التاثيرات على الملف الاقتصادي، حيث بينت شبكة المونيتر في تقرير نشرته في الرابع عشر من ابريل الماضي، ان تنظيم داعش الإرهابي بات "يستخدم العواصف الترابية كغطاء لتحركاته".
الشبكة قالت ان الهجمات التي وقعت في التاسع من ابريل الماضي واستهدفت قواعد ونقاط عسكرية عراقية، نفذها التنظيم، استخدم خلالها "العواصف الترابية كغطاء لتحركاته وخصوصا في محافظة الانبار والمناطق المحيطة، حيث تنعدم الرؤية بشكل كبير، مما يؤثر على قدرة القوات العراقية على متابعة عناصر التنظيم ومكافحتهم".
تقرير الشبكة أشار أيضا الى ان عدد الهجمات التي يقوم بها التنظيم، تضاعفت بشكل كبير منذ بدا العواصف الترابية في العراق لتصل الى 120 هجوم إرهابي نفذت خلال الربع الأول من العام الحالي، ومتابعة "يقوم التنظيم باستخدام العواصف الترابية أيضا لتغطية تحركاته عبر الحدود العراقية السورية"، موضحة "سبعة وسبعين هجمة إرهابية من بين المئة وعشرين التي قام بها التنظيم، نفذت عبر الحدود السورية العراقية، بسبب انخفاض الرؤية والرقابة على تلك الحدود نتيجة للعواصف".
ترجمة “المطلع”