التقارب السعودي الإيراني يهدد حلف واشنطن.. جليد التطبيع يتكسر أمام إسرائيل
تتجه العلاقة بين السعودية وإيران نحو متغيرات جديدة وبشكل سريع نحو إعادة فتح التعاون في المجال الدبلوماسي، بعد الصلح الذي رعته الصين خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تتحرك الدولتان بوقت قياسي لإعادة التمثيل الدبلوماسي وفتح السفارات وإعادة العلاقات الى ما كانت عليه قبل الخلاف.
والتقى، وزيرا خارجية المملكة العربية السعودية فيصل بن فرحان، وإيران حسين أمير عبد اللهيان، يوم الخميس (6 نيسان 2023)، في العاصمة الصينية بكين، وهذا اللقاء الأول من نوعه بين الوزيرين عقب التقارب الاخير.
وبحسب مصادر دبلوماسية سعودية تحدثت لوسائل اعلام، فأن لقاء بكين سبقته 3 اتصالات بين الوزيرين، تضمنت الخطوات المقبلة لتنفيذ الاتفاق وإجراءات إعادة افتتاح البعثات وتفعيل الاتفاقيات السابقة.
وفي 10 اذار، أعلنت الرياض وطهران الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية في غضون شهرين.
بيان مشترك
وعقب لقاء وزيري الخارجية، نشرت الحكومتان السعودية والإيرانية بيانا مشتركا على ابرز النقاط التي تحدثتا بها، حيث تم الاتفاق على استئناف الرحلات الجوية بين البلدين وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني المشترك.
وذكر بيان إيراني سعودي مشترك، إنه "تم الاتفاق على تعزيز التعاون لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، إضافة إلى بدء ترتيبات إعادة فتح السفارتين".
وتابع "كما تم الاتفاق على استئناف الرحلات الجوية وتسهيل منح التأشيرات للمواطنين، أضافة إلى استئناف الزيارات المتبادلة للمسؤولين وممثلي القطاع الخاص"، كما أكد البيان على "تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين الموقعة عام 2001".
امتعاض امريكي
وبينما أصدرت الإدارة الامريكية ترحيبا رسميا بعودة العلاقات السعودية الإيرانية، الا ان صحف أمريكية تحدثت عن امتعاض امريكي من تقرب الرياض لطهران وبكين، خاصة وان هذا التقارب قد يكون على حساب العلاقة مع واشنطن.
وذكرت صحيفة "وال ستريت جورنال"، ان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي أيه"، وليام بيرنز، أجرى زيارة غير معلنة الى السعودية الأسبوع الماضية، مبينة ان بيرنز أعرب "عن إحباطه من السعوديين، وأخبر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن الولايات المتحدة شعرت بالصدمة من تقارب الرياض مع إيران وسوريا - وهما دولتان لا يزالان يخضعان لعقوبات شديدة من الغرب - تحت رعاية خصوم واشنطن العالميين".
زعزعة إسرائيلية
على الجانب الاخر، إسرائيل الحليف الأمريكي في الشرق الأوسط، باتت هي الأخرى منزعجة من هذا التقارب، حيث ترى إسرائيل ان أي تقارب بين الدول العربية والخليجية بصورة خاصة مع ايران يهدد امنها خاصة وانها تعتبر طهران عدوا لها.
وبدأت إسرائيل مؤخرا بزعزعة الوضع الأمني في فلسطين، بعد ان اقتحمت شرطتها، ليل الثلاثاء - الأربعاء المسجد الأقصى لطرد مصلين اعتكفوا داخل المسجد كفريضة خلال شهر رمضان، وقامت باعتقال أكثر من 350 شخصا في الحرم القدسي واعتدت بأسلوب عنيف عليهم، مما اثار موجة غضب واسعة بين الدول العربية.
وعلى إثر هذا الاعتداء، سقطت عدة صواريخ داخل معسكرات ومقار للجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، أعلنت حركة حماس لاحقا مسؤوليتها حول هذا القصف، لترد إسرائيل بشن غارات جوية على قطاع غزة.
ويرى مراقبون للمشهد، ان إسرائيل كانت متعمدة في زعزعة الاستقرار خاصة وان اعتكاف المصلين داخل المسجد الأقصى طبيعي ويمارس دينيا منذ سنوات طوال، وقد تكون هذه الاعتداءات ضمن مساع منع استقرار المنطقة لا سيما وأنها قامت بشن ضربات جوية على الأراضي السورية خلال الأسبوعين الماضيين.
الخاسر الأكبر
ويعتبر الباحث في الشأن السياسي محمد الحكيم، الكيان الإسرائيلي بانه "الخاسر الأكبر"، من عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، خاصة وأنها كانت تحشد الجهود العالمية لضرب إيران.
وكانت إسرائيل تعتمد السياسة الناعمة في سحب الدول العربية لصالحها ضد إيران، حيث قامت بتطبيع العلاقات مع عدة دول منها الامارات والمغرب والسودان، ويقول دبلوماسيون إسرائيليون ان الكيان الإسرائيلي كان يرنو الى التطبيع مع السعودية بشكل رسمي لإتمام حلقة الحصار على إيران.
وقد تكون إسرائيل قد بدأت تفقد الامل في تطبيعها مع السعودية سيما بعد التقارب مع إيران من جهة، ودعوة بشار الأسد لحضور القمة العربية المزمع استضافتها في الرياض.
ويقول الحكيم في حديثه لـ "المطلع"، ان "الخاسر الأكبر من عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض هي اسرائيل التي كانت ترمي لحشد دول العالم وبالتحديد دول المنطقة نحو العداء مع إيران".
وأضاف الحكيم ان "اهداف الكيان الإسرائيلي منيت بالفشل بعزل إيران وحلفائها بالتحديد بعد انباء عن اذابة الجليد بين طهران والرياض بوساطة صينية".
وتابع ان "الاتفاق بين السعودية وإيران هو فشل كامل وخطير للسياسة الخارجية لحكومة نتنياهو التي تعاني من مشاكل داخلية، ودائما ما تسعى لأحياء الخلافات بين الدول الإسلامية، حيث ويعتبر هذا انهيار لجدار الدفاع الإقليمي الذي بدأت اسرائيل ببنائه ضد إيران منذ سنوات".
واكد ان "فتح الأبواب أمام نفوذ التنين الصيني على مصراعيه، لكي يجد له موضع قدم في منطقة الشرق الاوسط، بعد رأب الصدع بين البلدين مما قد يزعج الأمريكان التي رحبت ببيان على مضض".
استقرار في العراق
ويرجح المحللون السياسيون ان ينعكس التقارب بين الرياض وطهران على المشهد في العراق خاصة بعد سنوات من عدم الاستقرار نتيجة التقاطع بينهما.
ويقول الخبير الاستراتيجي عدنان الكناني في حديث لـ "المطلع"، انه "منذ سنوات والخلاف بين السعودية وايران ينعكس على الوضع الأمني في العراق لكن اليوم صفحة جديدة فتحت بين الدولتين".
واشار الكناني إلى أن "بعد هذا التقارب سيكون هناك مشهد امني سياسي مستقر في العراق يختلف عن ما مضى".