السوداني يفتح ملف التعديلات الدستورية.. اتفاق التغيير يصطدم بمعرقلات سياسية
بينما تتحرك القوى السياسية لتعديل قانون الانتخابات والمضي باجراء الانتخابات المحلية، تعيد الحكومة فتح ملف التعديلات الدستورية، بعد اعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن ذلك وتكليف مستشارا خاصا بهذا الشأن.
واعلن السوداني، يوم الاحد (29 كانون الثاني 2023)، عن تشكيل لجنة عليا لبحث إجراء تعديلات دستورية، ووفق قرار أصدره رئيس الوزراء، تبدأ اللجنة العليا للتعديلات الدستورية أعمالها برئاسة حسن الياسري.
ووفقا للقرار، من المفترض ان يبدأ الياسري سيبدأ مهام عمله بعقد اجتماعاتٍ ولقاءاتٍ وتباحث مع ممثلي الرئاسات التنفيذية والتشريعية، فضلاً عن التداول مع السلطة القضائية بغية رسم ملامح خارطة طريق لإجراء التعديلات الدستورية المطلوبة.
هل يحتاج العراق لتعديل الدستور؟
الازمة السياسية التي عاشها العراق منذ اعلان نتائج الانتخابات المبكرة في تشرين الاول من العام 2021، ولغاية الاشهر القليلة الماضية، تصاعدت المطالب التي تدعو الى اجراء تعديلات على الدستور لحسم عدة فقرات ضرورية ومهمة.
وشهدت البلاد خلال الاشهر الماضية انسدادا سياسيا بسبب ذهاب القوى السياسية الفائزة في الانتخابات لتشكيل محورين احدهما بقيادة التيار الصدري وحلفائه في السيادة والحزب الديمقراطي والذي يريد تشكيل حكومة الاغلبية الوطنية، والاخر يقوده الاطار التنسيقي والاتحاد الوطني وبعض المستقلين بغية تشكيل الحكومة التوافقية، والتي شكلت بعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية.
وتسبب الانسداد بوقوع صدام مسلح بين اطراف موالية لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر واخرى تابعة للحشد الشعبي والفصائل القريبة من الاطار التنسيقي، ما دفع الاوساط السياسية الى المطالبة بتعديل الدستور وايضاح النقاط الخلافية او التي تتمحور عليها الاشكاليات.
الكتلة الاكبر.. مشكلة مزمنة
ومن بين ابرز المشكلات الدستورية التي تواجه العملية السياسية بعد اجراء اي انتخابات هي تحديد الكتلة النيابية الاكبر التي يقع على عاتقها تشكيل الحكومة الجديدة.
واختلفت التفسيرات من المحكمة الاتحادية العليا بشأن تفسير تلك الاغلبية، حيث احد التفسيرات تشير الى ان الكتلة الاكبر هي التي تحصد على المقاعد الاكثر عددا في البرلمان، وتفسير اخر يبين ان الكتلة الاكبر هي التي تشكلها التحالفات السياسية ويبلغ عدد مقاعدها بمقدار ثلثي عدد اعضاء مجلس النواب.
وعلى الرغم من بقاء تلك المشكلة السياسية المزمنة، الا انها لم تحل او تعالج خلال الدورات النيابية السابقة، على الرغم من اعلان مجلس النواب في دورته الماضية عن تشكيل لجنة لتعديل الدستور بالاضافة الى لجنة مستقلة شكلت من قبل رئاسة الجمهورية الا ان اللجنتين لم تنجحا في تعديل الدستور، كما لم يتم ايضاح اسباب عدم اكمال تلك التعديلات.
مواد ضرورية التعديل
ويرى محللون سياسيون ضرورة اجراء التعديل على بعض المواد الدستورية وعدم ترحيل ذلك الى الدورات النيابية القادمة.
ويقول المحلل السياسي داود العقابي في حديث لـ "ألمطلع"، ان "هناك مواد وفقرات في الدستور يجب ان يتم تعديلها وفق مطالب الشعب وحتى وان كان التعديل تدريجي".
واضاف انه "لا يمكن الاستمرار في ترحيل تلك المشاكل الدستورية من دورة برلمانية الى اخرى وهذا خطأ كبير يتحمله اعضاء مجلس النواب السابق".
واشار الى ان "اتفاق جميع القوى السياسية على تعديل الدستور امر مستحيل لكن الاهم هو الحصول على تأييد الاغلبية من الكتل النيابية".
حلحلة الغموض في الدستور
ويوضح الخبير القانوني علي التميمي، ان الدستور العراقي الحالي كتب في فترة زمنية قصيرة لذلك من الواجب اجراء التعديلات على مواده التي تتضمن غموضا في التفسير.
ويوضح التميمي في تصريح لـ "المطلع"، ان "الدستور العراقي تم تشريعه في سقف زمني قصير جدا لا تتجاوز الستة اشهر وهذه المدة لا تكفي لتشريع قانون بسيط وليس دستور لدولة".
وبين ان "الدستور العراقي يتكون من 144 مادة واغلب تلك المواد تحتاج الى التعديل بسبب ما تحمله من غموض في تفسيراتها"، موضحا ان "المحكمة الاتحادية العليا نصت على ان تكون المادة 142 الخاصة بالتعديلات الدستورية هي واجبة التنفيذ".
وتنص المادة 142 من الدستور على:
اولا- يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي، مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب، خلال مدة لا تتجاوز اربعة اشهر، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور، وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها.
ثانيا- تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها، وتعد مقرة بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس.
ثالثا- تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب وفقا لما ورد في البند(ثانيا) من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على الشهرين من تاريخ اقرار التعديل في مجلس النواب.
رابعا- يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحا بموافقة اغلبية المصوتين واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات او اكثر.
ويرى التميمي ان "التعقيدات التي تتضمنها المادة 142 من الدستور تعرقل بل قد تدل على صعوبة اجراء التعديل في الدستور".
واكد ان "من المواد الضرورية التعديل هي المادة 76 والتي ادخلت البلاد في اشكاليات لها اول وليس لها اخر ويجب ان تكون تلك المادة واضحة وصريحة وتحدد من هي الكتلة الاكبر والتي تشكل الحكومة".