ازمة الدولار تطيح بمحافظ البنك المركزي.. هل كانت اقالته سياسية؟
لم يهدا سعر صرف الدولار امام الدينار في العراق منذ أسابيع، حيث تواصل العملة الامريكية قفزاتها غير المتوازنة في السوق المحلية مسجلة ارتفاعا في الأسعار كما سببت هلع لدى المواطنين ومخاوف من وصول هذا الارتفاع الى حد يضع الدينار في حالة تدهور.
وباعتماد السوق المحلية بنحو 90 بالمئة على البضائع والسلع والمنتجات المستوردة من الخارج، أدى ارتفاع سعر صرف الدولار الى ارتفاع متزامن في أسعار المنتجات وخاصة المواد الغذائية، مع تراجع نوعا ما في الحركة الشرائية سيما وان اغلب المواطنين يعتمدون على الدخل المحدود او اليومي.
قرارات حكومية عاجلة
واصدر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قرارات عاجلة في محاولة لتثبيت سعر الصرف ومنع التلاعب، والحد من الضرر في عجلة الاقتصاد.
وذكر بيان لمجلس الوزراء ان المجلس "قرر فتح نافذة جديدة لبيع العملة الأجنبية لصغار التجّار عبر المصرف العراقي للتجارة وتمويل البنك المركزي للمصرف العراقي للتجارة بمبلغ إضافي قدره 500 مليون دولار أميركي لغرض فتح الاعتمادات المستندية لصغار التجار، والاكتفاء بالفاتورة الأولية ورقم حساب المستفيد الأخير من الاعتماد".
كما قرر أيضا "تسهيل إجراءات الاستيراد وتقليص متطلبات فتح الاعتمادات المستندية، وإلغاء إعمام الهيئة العامة للضرائب الخاص بفرض غرامات تأخيرية على المستوردين وباقي المكلفين بالهيئة العامة للضرائب"، داعيا الى "إشراك غرف التجارة واتحاد الصناعات في جلسات المجلس الوزاري للاقتصاد، ممثلين للقطّاع الخاص".
استبدال مخيف بالعلاق
ومع اعلان الحكومة عن إجراءات يمكن ان تعيد سعر الصرف الى وضعه السابق، فتح ارتفاع الدولار الباب امام حملة تغييرات جديدة في مؤسسات الدولة المالية بعد ان اقال رئيس الوزراء محافظ البنك المركزي.
وقرر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الاثنين (23 كانون الثاني 2023)، إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه.
وقال مصدر حكومي إن "رئيس الوزراء كلَّف علي محسن العلَّاق بإدارة البنك المركزي بالوكالة بدلا من مخيف".
وأشار الى ان "السوداني، قرر احالة مدير المصرف العراقي للتجارة سالم جواد الجلبي على التقاعد، كما كلف بلال الحمداني لإدارة المصرف إضافة الى مهامه".
خطوة سياسية استباقية
يعتبر السياسي المستقل نديم الجابري، اقالة محافظ البنك المركزي "خطوة سياسية استباقية" قبل اندلاع اي احتجاج على ارتفاع الدولار، بينما يرى تلك الخطوة بانها لا تمت لموضوع ارتفاع سعر الصرف بصلة.
ويضيف الجابري في تصريح لـ "المطلع"، ان "خطوة اقالة محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف لا تمت لموضوع صرف الدولار بصلة كونها تحمل جانب سياسي".
وتابع ان "اقالة السوداني لمحافظ البنك المركزي قد تكون خطوة لاستباق الشارع الذي يريد الاحتجاج امام وزارة المالية والبنك المركزي على ارتفاع سعر الدولار".
واردف ان "مشكلة ازمة الدولار يجب فهمها بعيدا عن الطريقة الاسقاطية ونظرية المؤامرة لان هناك ارباك في المشهد السياسي افضى الى ارباك في العلاقة الخارجية".
وبين ان "تهريب العملة الصعبة من العراق الى دول اخرى موجود منذ سنوات فلماذا اثر خلال هذه الفترة على الدينار ولم يؤثر سابقا لكون السبب هي وجود عقوبات على بعض المصارف".
واكد ان "الولايات المتحدة تعتبر الدولار هي جزء من سيادتها وبالتالي هي تحدد الى اين يذهب لذلك فرضت العقوبات كجزء من عدم الرضا على ذهاب تلك العملة الى دول لا ترغب بتزويدها بالدولار".
أخطاء متراكمة بالنظام المصرفي
وفيما تتحدث القوى السياسية عن ضغوط أمريكية وراء رفع سعر صرف الدولار، يرى مراقبون ان هذه الضغوط جاءت بعد أخطاء متراكمة منذ سنوات في النظام المالي العراقي نتيجة التحويلات المالية.
ويقول المحلل السياسي رياض الوحيلي في حديثه لـ "المطلع"، ان "النظام المصرفي في البنك المركزي لديه إخفاقات وعدم وضوح الرؤية في الحوالات المصرفية وعدم موائمة عمل البنك المركزي مع النظام المالي العالمي".
ويضيف الوحيلي انه "على مدى 20 عاما مضت استمرت الأخطاء في النظام المصرفي العراقي والتحويلات المالية الى الخارج وهذه الحوالات المالية كانت لا تدخل ضمن نظام سويفت كود العالمي".
ولفت الى ان "الولايات المتحدة استخدمت هذا الملف وادخلته في الجنبة السياسية في محاولة للضغط على حكومة محمد شياع السوداني"، مبينا ان "الخزانة الامريكية وضعت عقوبات ومنع على 4 مصارف عراقية وهذا أثر بشكل كبير على بيع وتداول عملة الدولار".
واكد على ان "تعمل الحكومة على اتخاذ إجراءات واقعية لحل ازمة الدولار وإدخال حتى الحوالات المالية للتجار الصغار ضمن النظام المصرفي العالمي".
وشدد على "ضرورة الحد من عمليات غسيل الأموال وتهريب العملة الصعبة من العراق الى الخارج وإذا عملت الحكومة على اتباع الحلول سيرجع سعر صرف الدولار الى وضعه الطبيعي تدريجيا".