و على الرغم من وصول الأوضاع داخل الإقليم الى مراحل خطيرة بحسب ما كشفت عنه شبكة المونيتر في تحقيق نشرته في الثالث من الشهر الحالي، الا ان السلطة في كردستان العراق ممثلة بالحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والتحالف الوطني الكردستاني، نجحت في إبقاء المعلومات عن هذه الخلافات والمشاكل بعيدا عن الاعلام حتى الكشف عنها من قبل الشبكة.

التدهور في الأوضاع السياسية الحالية في إقليم كردستان العراق مع دخولها في مرحلة "شحة السيولة المالية" نتيجة للفساد، بحسب تعبير الشبكة، يأتي بالتزامن مع تعاظم الاخطار التي تمثلها التحركات العسكرية التركية والإيرانية داخل الإقليم، والتي بينت المطلع في وقت سابق تورط الحزب الديمقراطي الكردستاني في التسبب بها نتيجة لاتفاقيات سرية عقدها الحزب مع الجانبين التركي والإيراني، تسمح للطرفين بالدخول الى أراضي الإقليم وشن عمليات عسكرية مقابل مصالح سياسية منها الوعود بدعم المرشحين الاكراد للحزب لتولي مناصب رفيعة داخل حكومة بغداد، الامر الذي قاد الى "تعقيد الموقف الحالي"، بحسب وصفها.

الشبكة توقعت وقوع حرب أهلية قريبة في إقليم كردستان العراق بين الحزبين الكرديين الرئيسين في حال لم يتم احتواء الموقف بينهما في وقت قريب، موردة تصريحات لاحد المسؤولين السابقين في حكومة كردستان اكد خلالها ان الأوضاع وصلت الى مرحلة العزوف عن التفاوض والتواصل بين الطرفين، وانتشار عمليات الاغتيال بين الجانبين مدفوعا بالشحة المالية وحالات الفساد المستشري في حكومة الإقليم.

ازمة فساد.. خلافات بين العائلتين حول تقسيم موارد كردستان

المعلومات التي كشفت عنها الشبكة تضمنت تصريحات لرئيس جهاز المخابرات الكردية ونائب رئيس التحالف الوطني الكردستاني السابق لاهور طالباني، اكد خلالها ان الخلافات الحالية والتي قال انها وصلت الى "مراحل خطيرة تهدد امن واستقرار إقليم كردستان العراق"، تسبب بها خلاف بين الحزبين الرئيسيين حول تقسيم موارد الإقليم المالية بينهما.

وتابع "بدات المشكلة مع تضاؤل السيولة المالية لدى حكومة إقليم كردستان العراق في أربيل والمقادة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي القى باللائمة على التحالف الوطني الكردستاني بشحة الأموال لعدم تسليمه المبالغ المتفق عليها بين الطرفين"، مؤكدا وجود ما وصفه باتفاق سابق بين الحزبين يضمن تقديم التحالف الوطني لنسبة 57% من الأموال وعوائد الجمارك وموارد محافظة السليمانية واجور الطاقة والموارد الأخرى من المؤسسات الخدمية، الى الحزب الديمقراطي الكردستاني لتمويل أربيل ودهوك فيما يحتفظ التحالف بنسبة 43%، مؤكدا ان التحالف الوطني الكردستاني توقف عن تقديم تلك الأموال الى الحزب الديمقراطي.

الشبكة بينت ان الصفقة التي عقدت بين مسرور برزاني وقوباد طالباني لم تأخذ بنظر الحسبان المشاكل الاقتصادية المترتبة على قرار بغداد بمنع إقليم كردستان العراق من التصرف بالموارد دون العودة الى بغداد، الامر الذي جعل من عوائد محافظة السليمانية غير كافية لتمويل التحالف ودفع رواتب الموظفين وقوات البيشمركة التابعة له، موضحة أيضا، ان مسرور برزاني اعرب للتحالف عن رفضه تمويل العجز المالي الذي تعاني منه محافظة السليمانية من واردات محافظتي دهوك واربيل، الامر الذي اشعل الخلافات بين الطرفين والتي وصلت الى درجة "مهاجمة بعض في المناسبات والمؤتمرات العلنية للمرة الأولى منذ أعوام".

اختفاء 400 مليون دولار من البنوك.. مصارف الإقليم "خالية من الأموال"

ازمة الفساد التي تسيطر على حكومة إقليم كردستان العراق فاقمت من الخلافات السياسية الحالية حول مصادر التمويل وتوزيع الواردات بين العائلتين بحسب ما بينت الشبكة، التي كشفت عن فقدان مصارف الإقليم لنحو 400 مليون دولار من خزائنها، والتي انتهى بها المطاف الى "حسابات جهات غير معروفة"، بحسب وصفها، الامر الذي دعا المصارف الى اصدار صكوك بالمبالغ للمواطنين الذين اختفت أموالهم، تلك الصكوك بحسب الشبكة، باتت تهدد بالمزيد من السخط الشعبي تجاه السلطة الكردية بسبب عدم قدرتها على تسديد المبالغ "المختفية" واعادتها الى أصحابها الشرعيين من المواطنين الذين اودعوا تلك المبالغ في المصارف.

المصارف بحسب معلومات الشبكة وتاكيدات لاهور طالباني، باتت "خالية تماما من الأموال"، مشيرا الى ان السلطات في الإقليم باتت تعاني من انقسام سياسي بسبب اختفاء الأموال، حيث تتعرض رواتب الموظفين التابعين لمحافظة السليمانية تحت سلطة التحالف الوطني الى التاخير لمدد طويلة، بينما يقوم الحزب الديمقراطي الكردستاني بدفع الرواتب بشكل دوري وتفادي رد الفعل الشعبي الذي "بات يستغله ضد التحالف الوطني" لأثارة السخط الشعبي.

خلوا المصارف من الأموال ومحاصرة الحزب الديمقراطي الكردستاني للتحالف الوطني قاد الى أوضاع وصفها المسؤول الكردي بانها "لم تقع سابقا" في الإقليم، الامر الذي فرض على التحالف الوطني ضغطا غير مسبوق، محذرا من ان يقود الى نتيجة لا تحمد عقباها خصوصا مع تعاظم المشاكل السياسية في الإقليم بين الطرفين بعد الخلافات السياسية في بغداد التي تركت اثرها على العلاقة بين الحزبين.

عمليات اغتيال "غير مسبوقة".. الإقليم بات يواجه خطرا حقيقيا بــ "حرب أهلية"

الخلافات الكردية بين العائلتين وصلت الى مراحل خطيرة بعد عمليات اغتيال متبادلة كان ابرزها اغتيال ضابط استخبارات رفيع المستوى مع زوجته في محافظة أربيل، التحقيقات الأولية التي قام بها الحزب الديمقراطي الكردستاني بحسب لاهور ادعت انتماء بعض منفذي عملية الاغتيال للتحالف الوطني الكردستاني، الامر الذي اثار سخط التحالف.

من جانبه، طلب التحالف الوطني من الحزب الديمقراطي إعادة التحقيق واشراك الحزب بالإضافة الى تأجيل اعلان نتائج التحقيقات التي تزامنت مع عملية اختيار رئيس الجمهورية القادم في بغداد، الامر الذي رفضه الحزب الديمقراطي ضمن مساعيه لمحاصرة التحالف الوطني، معلنا بذلك نتائج التحقيق ومتهما التحالف الوطني بارتكاب "اعمال إرهاب".

لاهور كشف أيضا عن عمليات اغتيال أخرى طالت ضباط ومنتسبين امنيين رفيعي المستوى في القوات الكردية الداخلية، مدعيا ان عمليات الاغتيال كانت تهدف الى "تصفيتي شخصيا" بالإضافة الى شخصيات أخرى بسبب الخلافات بين العائلتين حول تقاسم موارد الإقليم، موضحا وجود خلافات داخلية حتى داخل الحزبين بين افراد العائلتين حول تقاسم موارد الإقليم بالإضافة الى سخط بعض الجهات السياسية الكردية من الاستحواذ الكامل للسلطة الذي مارسه الحزب الديمقراطي الكردستاني والاقصاء شبه التام للتحالف الوطني خلال الازمة السياسية الماضية في بغداد.

الشبكة حذرت من ان المراحل المتقدمة التي وصلت اليها الخلافات بسبب الحصار الذي يمارسه الحزب الديمقراطي الكردستاني ضد التحالف الوطني والصراع حول تقاسم موارد الإقليم تحت الازمة المالية وعمليات الاغتيال المتبادلة ستقود في النهاية الى حرب أهلية بين العائلتين داخل إقليم كردستان العراق، خصوصا مع توجه العائلتين نحو "جهات خارجية" لدعمها ضد الأخرى، امر أكده لاهور الذي قال ان الحرب الاهلية الكردية باتت قريبة جدا، خصوصا مع الجهود التي تقوم بها العائلتين لتامين الحلفاء الاكراد في الأحزاب الكردية والتركية المعارضة من خلال التقرب من انقرة وطهران ضد معارضيهم على أراضي كردستان.

تعاظم الخلافات بين العائلتين شهد انتقال كبير في الحدة بعد ظهور تشققات داخل الحزبين، حيث بينت الشبكة ان قوباد طالباني، القى باللوم على أخيه بافل طالباني بالتسبب بالازمة الحالية بين العائلتين، بالإضافة الى وجود جهات رفيعة داخل الحزب الديمقراطي تعارض الأسلوب الذي ينتهجه الحزب ضد التحالف الوطني وعملية الاقصاء والسيطرة على الموارد التي يشنها ضده.

البيشمركة لن تصبح جيشا.. قوات امن كردستان "عاجزة" امام الخطر الجديد

الخلافات الخطيرة بين العائلتين القت بظلالها على قدرة القوات الأمنية الكردية المحلية المعروفة باسم "البيشمركة" على حماية الإقليم ومنع الاقتتال الداخلي، حيث كشفت وكالة أمواج الكردية على موقعها الناطق باللغة الإنكليزية، عن وجود تدخلات مباشرة من العائلتين في عمل وزارة البيشمركة وتحريك القوات وقيادتها، امر يخالف دستور إقليم كردستان العراق.

التدخلات في عمل الوزارة قادت بوزير البيشمركة شوريش إسماعيل، بالتهديد لاكثر من مرة بتقديم استقالته من إدارة الوزارة بعد استخدام الحزبين للتهديدات ضد بعض باستخدام قوات البيشمركة في النزاع المقبل، مبينة، ان قوات البيشمركة ما تزال تخضع لسلطة العائلتين ضمن فصائل عسكرية مقسمة تحت قياداتهم المباشرة وليست تحت سلطة القيادة العسكرية الموحدة لوزارة البيشمركة.

الحكومة الكردية ومن خلال قانون يعود الى عام 1992 منعت أي حزب كردي من تحشيد واستخدام قوات البيشمركة دون العودة الى العائلة الأخرى، امر بات يتم تجاهله من قبل الحزبين اللذان يهددان بعض الان باستخدام قوات البيشمركة لإخضاع الاخر بحسب وصف الوكالة، الامر الذي قاد الى اضعاف قوات البيشمركة وعجزها المتوقع عن منع الاقتتال الداخلي الذي يتوقع اندلاعه قريبا بين العائلتين، خصوصا مع استمرار اتباع فصائل البيشمركة للعائلتين، الامر الذي يهدد بتصعيد الاقتتال الأهلي الى "حرب شاملة" بين الطرفين تكون اداتها البيشمركة ذاتها، مشددة على ان الحزبين فشلا في تحويل فصائل البيشمركة الى "جيش رسمي منظم" على الرغم من التخويل المباشر الذي منحته بغداد لسلطات الإقليم لتنظيم وإدارة قوات امنها بنفسها.