لا نتائج لاجتماع صالح مع "القوى الخاسرة".. الكشف عن حوارات غير منظورة لعبور الأزمة
لم يرد رئيس جمهورية العراق برهم صالح، بطريقة رسمية على الدعوة التي وجهت إليه من قبل قوى "الإطار التنسيقي" الخاسرة بالانتخابات، التي تضم قوى "ائتلاف دولة القانون وتحالف الفتح وتحالف قوى الدولة وحزب الفضيلة وتحالف العقد وكيانات سياسية تتبع فصائل مسلحة"، رغم أن مصادر إخبارية أشارت إلى أنه اجتمع معه، لكن بدون إعلان رسمي، وهو ما يفسره مراقبون، تجاهل وإسقاط فرض أمام الشركاء من الأحزاب الشيعية.
قبل أسبوع، وعقب انتهاء اجتماع للقوى الخاسرة في منزل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أعلنت هذه القوى تجديد رفض نتائج الانتخابات، فيما طالبوا رئيس الجمهورية بالتدخل لمنع اتجاه الأحداث نحو الأخطر. وذكر البيان أن القوى ترفض "طريقة المفوضية الانتقائية في التعامل مع الطعون القانونية ومطالبتها بالنظر بجدية في جميع الطعون المقدمة لها وإجراء العد والفرز اليدوي الشامل ولجميع المحطات وبشفافية كاملة وتصحيح الأخطاء التي رافقت عملية احتساب الأصوات وإعلانها". وجاءت دعوة القوى الخاسرة لصالح باعتباره "حامياً للدستور لمنع اتجاه الأحداث نحو ما هو أخطر"، بحسب البيان. وبعد أكثر من 48 ساعة من هذه الدعوة، ذكرت وكالة روسية أنه صالح اجتمع مع القوى الشيعية، لكن لم يصدر أي بيان بشأن مخرجات الاجتماع.
وعلم "المطلع"، من مصادر سياسية مقربة من رئيس جمهورية العراق برهم صالح، أن "الأخير يرفض التدخل في صراعات سياسية أساسها غير قانوني، ولا يريد أن يكون وسيط بين جهة خاسرة في الانتخابات على حساب مفوضية الانتخابات والإجراءات الحكومية والقانونية في الاعتراض على نتائج الانتخابات، كما أنه أراد تجاهل الدعوة التي تقدمت بها القوى السياسية ضمن "الإطار التنسيقي"، كي لا يقع في خلافٍ مع التيار الصدري (الفائز بالانتخابات)".
ووأكدت المصادر أن "برهم صالح لا يمارس التخلي عن الأزمة الحالية، لكنه يصر على أن تكون حراكات القوى الخاسرة بالانتخابات قانونية وتتخذ طابع الاعتراض وفق الأدوات الرسمية عبر تقديم الطعون وانتظار نتائج العد والفرز اليدوي للمحطات المطعون بها". ولفتت إلى أن "موقف رئيس الجمهورية لا يعادي الغاضبين من نتائج الانتخابات والمعترضين، لكنه يقف ضد التصعيد واستغلال مقاتلي الحشد الشعبي في الصراعات السياسية".
وأوضحت المصادر أن "التظاهرات الأخيرة للقوى الخاسرة شهدت تجاوزات على القانون، ومنها تفريغ مئات العناصر من الحشد الشعبي لصالح التظاهرات ضد مفوضية الانتخابات، وهو أمر لا تقبله رئاسة الجمهورية، لكن قد لا يصدر أي تعليق رسمي بهذا الشأن منعاً لأي مشاكل إضافة تحدث في البلاد، وهناك حالة ترقب لما ستعلنه مفوضية الانتخابات من رد رسمي على الطعون المقدمة لها، ومعرفة ما ستفضي إليه عملية العد والفرز اليدوي للمحطات المطعون بها".
من جهته، أشار عضو تحالف "الفتح" كريم عليوي إلى أن "قوى الإطار التنسيقي والكيانات السياسية المعترضة على نتائج الانتخابات كانت قد دعت رئيس جمهورية برهم صالح، بوصفه حامي الدستور العراقي، إلى الدخول على خط إنهاء الأزمة التي قد تستغلها أطراف لا تريد الخير للعراق"، مؤكداً لـ"المطلع" أن "جميع القوى المعترضة على نتائج الانتخابات ستواصل جهودها وفق القانون لمنع أي عمليات سرقة لأصوات جماهيرها، وأن التظاهرات الجارية حالياً هي دليل على الغضب الشعبي لمن سُرقت أصواتهم من قبل جهات أممية وسياسية داخلية، إضافة إلى تلاعب واضح من قبل المفوضية".
أما النائب المستقل، باسم خشان فقد لفت إلى أن "معظم المسؤولين في الحكومة العراقية، سواءً المنتمين للأحزاب أو المستقلين لا يريدون التدخل في الأزمة التي تسببت بها القوى الخاسرة، التي فقدت جمهورها خلال الفترة الماضية، لأن ما يحصل حالياً هو صراع سياسي يمثل أجندات بعضها داخلية وأخرى خارجية، كما يمثل الصراع الكبير بين الفصائل المسلحة والتيار الصدري، ولعل أكثر الممانعين للتدخل هو رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ورئيس الجمهورية برهم صالح".
موضحاً في اتصالٍ مع "المطلع"، أن "القوى الشيعية لم تفق لحد الآن من الصدمة التي تعرضت لها في انتخابات "تشرين"، والخسارة الفادحة التي تعرضت لها، ولذلك فهي الآن تسعى للعبث بالاستقرار العراقي من خلال تخريب العملية السياسية وبث الفوضى فيها، ولا يبدو أن هناك جهة سياسية أو أحد المسؤولين الكبار في الدولة يريد التدخل في هذه الفوضى".
بدوره، لفت رئيس مركز التفكير السياسي في العراقي إحسان الشمري إلى أن "توجه قوى الإطار التنسيقي إلى برهم صالح لحل أزمتها، يؤشر إلى عدم توصلها إلى تفاهم أو تواصل مع الكتلة الصدرية لإحياء البيت السياسي الشيعي، وهي دعوة تشير إلى سعي قوى الإطار التنسيقي للخروج من الأزمة التي تجبر هذه القوى على مواصلة التصعيد، والأحداث الأخيرة أشرت إلى أنها لم تكن بصالح القوى الخاسرة على المستوى السياسي، كما أن استمرار الاعتصامات قد تخلق نقمة شعبية، لا سيما وأنها في تناقص".
مبيناً في حديثٍ مع "المطلع"، أن "رئيس الجمهورية لم يتجاهل الدعوة، لكن يبدو أن هناك حوارات غير منظورة وسيتم الإعلان عنها في وقت لاحق، لا سيما وأن برهم صالح يدرك حجم الأزمة بين القوى السياسية الشيعية، وأن الأخيرة تعرف أنه يملك القدرة على القيام بدور حل الأزمة، كونه لا يمثل طرفاً في هذه الانتخابات ويقف دائماً على الحياد".