القوات الامريكية التي تعرضت الى 73 هجمة منذ أكتوبر الماضي شنتها على قواعدها فصائل نشطة في العراق وسوريا وادت الى إصابة ما يقارب التسعين جنديا أمريكيا حتى الان بحسب نيوز نايشن، فسرت على انها الدافع الرئيس وراء الحملة الحالية ضد بايدن، والتي تسائلت عن سبب إبقاء الإدارة الامريكية قواتها في العراق وسوريا على الرغم من انتهاء خطر تنظيم داعش الإرهابي وتثبيت قدرة الحكومتين السورية والعراقية على مكافحة التنظيم بنفسها.

اكثر تلك التقارير "صراحة" اطلقت من مجلة الامريكان كونسيرفتيف الامريكية السياسية، التي نشرت في الخامس والعشرين من نوفمبر الحالي ووصفت السياسة والتواجد الأمريكي الحالي في العراق بانه "عار" على تاريخ الولايات المتحدة، مؤكدة ان استمرار هذه السياسة "دون مبرر" سيؤدي في النهاية الى "وقوع كارثة" ضد القوات على الأرض.

هذه الحملة تزامنت مع صدور نتائج تحقيق اطلقته وزارة الدفاع الامريكية مطلع العام الحالي حول "اختفاء أسلحة ومعدات عسكرية حساسة" من داخل المعسكرات الامريكية داخل العراق بحسب الانترسبت، معلنة وقوع "عمليات سرقة مستمرة"، حيث تسائلت الصحف الأمريكية عن قدرة واشنطن على حماية قواتها في العراق، ان كانت "عاجزة حتى عن حماية معداتها".

وسائل الاعلام ومراكز التحليل الامريكية اكدت ان احداث غزة وما تبعها من "نشاط متصاعد" للفصائل المسلحة داخل العراق باستهداف القوات الامريكية، كشف عن "ضعف" تلك القوات واصفة إياها بــ "الأهداف الهشة" بحسب قول ريسبانسبل ستايت كرافت، التي اكدت أيضا ان بقاء تلك القوات لا يمثل سوى "عنجهية، اهمال او جهل" من إدارة بايدن بخطورة الأوضاع الفعلية على الأرض.

وعلى الرغم من اعلان الفصائل المسلحة داخل العراق "تخفيض عملياتها" ضد القوات الامريكية احتراما للهدنة التي عقدتها حماس مع النظام الإسرائيلي، الا ان وسائل اعلام إسرائيلية ومنها الجيروسليم بوست، اكدت ان جزء كبير من الفصائل "رفضت" الهدنة وقررت الاستمرار باستهداف القوات الامريكية، محذرة بدورها أيضا من وقوع "كارثة" تطال تلك القوات في حال استمرار استهدافها.

موقف وسائل الاعلام ومراكز التحليل الامريكية خالفه في الراي بعض الصحف البريطانية واهمها التيلغراف التي أعلنت ان سحب القوات الامريكية والبريطانية من العراق "لا يصب بمصلحة دول الحلفاء"، مشددة على ضرورة ابقائها في البلاد ضمن شروط من بينها "تقليل عمليات الاستهداف" التي تقوم بها تلك القوات ضد الجهات التي تستهدف معسكراتها داخل العراق، متفقة مع نظيرتها الامريكية في التحذير من "كارثة" بانتظار الحكومة الامريكية في حال استمرت بالنهج الحالي دون تغيير في سياستها داخل البلاد.

منافسة "خاسرة" مع إيران.. القوات الأمريكية "في خطر بلا داعي"

صحيفة ريسبنسبل ستايت كرافت الامريكية، اكدت في تقريرها ان الاحداث التي جرت في العراق بعد غزة واستهداف القوات الامريكية، اظهر بشكل واضح ان بقاء تلك القوات هو "خطر لا داعي له"، موضحة ان السياسة التي يتبعها البيت الأبيض في العراق الان لم تعد "قديمة فقط بل خطيرة أيضا".

تقرير الصحيفة اكد أيضا ان ذريعة إبقاء القوات الامريكية في العراق مع استمرار الهجمات ضدها لمكافحة داعش، هو امر "غير منطقي"، موضحة "اثبتت التجربة في أفغانستان ان القوات الامريكية غير قادرة على منع ظهور التنظيمات المتطرفة في المناطق التي تسيطر عليها عسكريا"، متابعة "الحكومة العراقية قادرة وبشكل كامل على مكافحة ظهور تنظيم داعش بنفسها دون الحاجة الى تواجد القوات الامريكية".

الإدارة الامريكية وبدلا من الاخذ بنظر الاعتبار سلامة قواتها في العراق، بحسب وصف الصحيفة، باتت "تشدد" من دعم سياستها الحالية في البلاد من خلال ارسال المزيد من الجنود والمعدات ووضعهم تحت الخطر، خصوصا مع اتباعها سياسة "الضربات العقابية" التي تقوم بتنفيذها ضد الفصائل والعناصر التي تستهدف قواعدها، والتي حذرت من انها ستقود الى "كارثة" في حال استمرارها.

الصحيفة قالت ان عملية "العزم الصلب" التي اطلقتها الإدارة الامريكية عام 2015، ما تزال مستمرة حتى اليوم مع انتفاء الحاجة لها، مؤكدة ان خطورة تنظيم داعش وقدرته على مسك الأرض قد انتهت منذ أعوام، وان الإدارة الامريكية "وبدلا من لملمة ما تبقى والقبول بالنصر، فضلت إبقاء القوات في العراق والتي تركتها عرضة لهجمات تتكرر ضدها مع أي تصاعد للتوتر كالذي حصل مؤخرا نتيجة للحرب في قطاع غزة"، بحسب وصفها.

القوات الامريكية في العراق الان، وبحسب وصف الصحيفة "بلا هدف" وبقائها يمثل خطورة قد تقود الى "حرب كبرى" في حال استمرار السياسة الخارجية الحالية، امر أكدته الصحف الامريكية والبريطانية الأخرى حتى مع تباين مواقفها من ضرورة إبقاء تلك القوات في العراق، متفقة على أهمية اجراء "تعديلات طارئة" على سياسة واشنطن في العراق.

اما عن أسباب إبقاء تلك القوات، فقد اكدت مجلة ذا امريكان كونسيرتيف، ان الدوافع الواضحة الان هي "غياب الشجاعة السياسية" في البيت الأبيض الذي يحاول بحسب وصفها، الحفاظ على أي تواجد عسكري في العراق تهدد من خلاله ايران التي لا تبدوا متاثرة بتواجد تلك القوات، مؤكدة انها وبدلا من تامين المصالح الامريكية، وضعتها في "خطر كبير" نتيجة لتحويل العراق الى ساحة تصفية ضد ايران التي تملك اليد الطولى الان في استهداف القوات الامريكية على الأرض بالتعاون مع الفصائل النشطة داخل العراق، على حد قولها.

المجلة اكدت انها اجرت مقابلة مع "دبلوماسي امريكي رفيع المستوى"، لم تكشف عن هويته، حول أسباب بقاء القوات الامريكية في العراق، معلنة انه وعند سؤاله عن سياسة واشنطن في العراق وسوريا، أجاب بــ "هز كتفه والضحك" في إشارة الى عدم معرفته بوجود أي سياسة فعلية للبيت الأبيض في المنطقة.

وتابعت "من لا يضحك فعلا هم الجنود الأمريكيين الذين أصيب منهم ما يقارب التسعين فردا منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى أكتوبر الماضي"، بحسب وصفها، لتصف تواجد تلك القوات بانه "هزيمة ذاتية" للولايات المتحدة التي اصبح من الواضح الان انها "لا تملك ادنى فكرة" عما تفعله قواتها داخل العراق او الهدف من تواجدها أساسا.

المجلة انضمت الى الصحف الامريكية الأخرى بالتحذير من "كارثة" قالت انها قد تقود الى "حرب كبرى" في حال استمرار "غياب السياسة الامريكية الواضحة في العراق"، موضحة "تواجد تلك القوات بلا هدف محدد او معنى سوى منافسة ايران سيؤدي الى خسارة كبيرة في الأرواح قد تؤدي الى ادخال المنطقة في حرب عظمى".

الحكومة العراقية التي قالت المجلة انها وضعت في "حرج" بسبب التواجد الأمريكي داخل العراق وعمليات الاستهداف التي تطاله، باتت الان "تتاثر سلبا" بغياب السياسة الامريكية، موضحة ان الولايات المتحدة "خسرت" المنافسة مع ايران في المنطقة التي اشارت الى انها "نجحت" في الحفاظ على مصالحها في البلاد دون الحاجة الى "التورط" بقوات بوجود قوات عسكرية على الأرض، على عكس الولايات المتحدة التي باتت عرضة للاستهداف الإيراني الصاروخي لقربها من أراضي ايران، مؤكدة ان طهران "لا تبدوا قلقة من توسع الصراع الناتج عن الحرب الإسرائيلية على غزة كما تفعل أمريكا التي أرسلت مجموعتي حاملات طائرات وصعدت من عديد قواتها دون وجود هدف فعلي".

غياب السياسة الفعلية في العراق "عار وطني" على أمريكا.. عليها التوقف عن استهداف الفصائل والانسحاب

الصحيفة الامريكية وصفت غياب السياسة الواضحة من إبقاء القوات الامريكية في العراق حتى اللحظة يمثل "عارا وطنيا" على البيت الأبيض وحكومة بايدن، مؤكدة ان ادارته تتعامل بــ "عنجهية او جهل" مع المعطيات على الأرض التي تضع القوات الامريكية في "خطر حقيقي وفعلي" نتيجة للعمليات العسكرية التي تنفذها الفصائل ضدها في العراق والتي قالت انها اثبتت "فاعليتها" في وضع تلك القوات في خطر "فعلي".

صحيفة التيلغراف البريطانية، اختلفت في الراي مع وسائل الاعلام ومراكز التحليل الامريكية، حيث اكدت خلال تقرير نشرته في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، ان انسحاب القوات الامريكية وبالتالي قوات التحالف الدولي هو امر "غير ممكن التحقق"، مؤكدة ان مصالح الحلفاء في المنطقة "مهددة رغم وجود تلك القوات" متسائلة عن كيف سيؤول المطاف بتلك المصالح في حال انسحابها ومحذرة من تكرار سيناريو أفغانستان.

وعلى الرغم من مخالفتها راي الصحافة الامريكية، الا ان التيلغراف اتفقت معها على ضرورة "تغيير" السياسة الحالية التي يتبعها البيت الأبيض في البلاد، حيث اشتركت في التحذير من "كارثة" تنتظر القوات الامريكية في حال عدم تحقق ذلك التغيير في الوقت المناسب وايضاح الهدف الرئيس من إبقاء تلك القوات والسعي لــ "تحقيقه بشكل واقعي".

التيلغراف حذرت أيضا بشكل مختلف عن الصحف الامريكية من سبل وقوع "الكارثة" التي تحذر منها وسائل الاعلام الامريكية منذ أيام، مؤكدة انها لن تاتي نتيجة للعمليات التي تشنها الفصائل النشطة داخل العراق ضد المعسكرات والتواجد الأمريكي، بل "من رد الفعل الأمريكي على تلك الهجمات".

حيث أوضحت التيلغراف ان وعلى الرغم من إصرار الحكومتين العراقية والأمريكية على إبقاء قوات التحالف في البلاد، الا ان الواقع يقدم صورة "خطيرة"، بحسب وصفها، مؤكدة ان السياسة التي تتبعها الإدارة الامريكية حاليا في شن "ضربات رد انتقامية" على مصادر اطلاق الهجمات ضد قواعدها واستهداف الفصائل النشطة داخل العراق هو السبب الذي سيؤدي الى وقوع "الكارثة".

وقالت الصحيفة ان على الإدارة الامريكية "توخي الحذر وتقليل حدة الرد على الفصائل"، موضحة ان استمرار تصاعد رد الفعل الأمريكي ونسب الهجمات التي تقوم بها ضد الفصائل النشطة داخل العراق سيؤدي في النهاية الى "تشتت وتفكك النظام العراقي أولا نتيجة للضغط الذي سيفرض عليه بين إبقاء القوات الامريكية في العراق والحفاظ على كيان السلطة من تذبذب مواقف الفصائل بين مؤيد لمواقف حكومة السوداني والرافض لها، وثانيا من التسبب بحرب أهلية داخلية بين الجهات السياسية او على الأقل خلافات شديدة تؤدي الى تدهور الوضع الأمني"، بحسب وصفها.

الصحيفة البريطانية وبدلا من الدعوة لسحب القوات الامريكية والتحالف الدولي كما فعلت نظيرتها الامريكية، شددت على ضرورة ان تتخذ الحكومة الامريكية "سياسة اقل حدة" في استهداف الفصائل ضمن "ضربات الرد" التي تنفذها، بالإضافة الى استبدال قواتها الحالية بــ "قوات خاصة" قادرة على تنفيذ ضربات "رد" قليلة الضرر وتؤدي الى رد فعل اقل حدة من الفصائل، بحسب تعبيرها.

دعوات سحب القوات الامريكية التي اطلقتها وسائل الاعلام ومراكز التحليل الامريكية تضاعفت في شدتها بعد اصدار صحيفة الجيروسليم بوست الإسرائيلية تقريرا في الخامس والعشرين من نوفمبر الحالي، اكدت خلاله حصولها على معلومات تؤكد "رفض بعض الفصائل النشطة في العراق" قرار الهدنة الذي أعلنت عنها مسبقا، مؤكدة انها "تنوي الاستمرار في استهداف القوات الامريكية".

الصحيفة الإسرائيلية انضمت الى الصحف الامريكية الأخرى بالتأكيد على ان تواجد القوات الامريكية اصبح يسبب "حرجا وضغطا" كبيرا على الحكومة العراقية، موردة تصريحات لزعيم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي، اكد خلالها ان قرار بقاء القوات الامريكية من عدمه لا يخضع لقرار حكومة السوداني، بل البرلمان العراقي، مشيرة الى ان تصريحات الخزعلي تشير لوجود "خلافات" بين أعضاء الاطار التنسيقي الذي تنتمي اليه الفصائل والذي شكل حكومة السوداني، وبين موقفها الرسمي، الامر الذي حذرت من انه سيؤدي الى "خلافات داخلية تهدد تعاون بغداد مع واشنطن".

الجيروسليم بوست اكدت أيضا ان "قرار اعفاء رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي من منصبه وتصريحات الخزعلي تشير الى عدم وجود توافق سياسي داخلي حول الطريق للمستقبل بالنسبة للحكومة العراقية"، بحسب وصفها، مشيرة الى ان التواجد الأمريكي "سبب ضغطا كبيرا" على حكومة السوداني، معلنة اتفاقها مع وسائل الاعلام الامريكية في ضرر بقاء تلك القوات داخل البلاد دون سياسة او استراتيجية لها اهداف واضحة.

القلق الذي عبرت عنه وسائل الاعلام الامريكية، البريطانية وحتى الإسرائيلية من "غياب" سياسة أمريكية واضحة وراء بقاء قواتها في العراق، تعاظم بشكل كبير بعد اعلان صحيفة الانترسبت الامريكية في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، نتائج تحقيق داخلي أطلقه البنتاغون حول "اختفاء أسلحة ومعدات حساسة" من داخل معسكراتها داخل العراق، مؤكدة انها "تعرضت للسرقة بشكل مستمر ولا يعرف الى اين ال بها المطاف".

في النهاية فان وسائل الاعلام ومراكز التحليل اتفقت على ان "الإهمال وغياب السياسة الواضحة" للإدارة الامريكية في العراق لن يقود فقط الى "كارثة قد تؤدي الى حرب عظمى في المنطقة نتيجة لاستهداف القوات الامريكية وردها على الجهات التي تقوم بتلك العمليات ضد معسكراتها"، بل يظهر جليا أيضا ان البيت الأبيض "فقد طريقه" في العراق الى الدرجة التي اصبح معها "غير قادر حتى على حماية معداته العسكرية الحساسة من السرقة والتي كلفت الجيش الامريكية مئات الالاف من الدولارات"، الامر الذي قالت انه يشير الى "خسارتها الواضحة" للمنافسة مع ايران في العراق بشكل خاص، والمنطقة بشكل عام، الامر الذي "يجب ان تأخذه بنظر الاعتبار بشكل جدي وتسحب قواتها بشكل فوري منه نظرا لانتفاء الحاجة لها بالإضافة الى تحول تواجدها من نقطة قوة للإدارة الامريكية الى نقطة ضعف حساسة".

حتى اللحظة، لا يبدوا ان الإدارة الامريكية تبدي اهتماما فعليا بسلامة قواتها في العراق او تبعات غياب سياسة واضحة لتواجدها، خصوصا بعد رفض مسؤوليها الادلاء باي تصريح حول تلك السياسة او الرد على الحملة الإعلامية التي باتت تشن ضد بايدن وحكومته.