تستعد الآن للحرب: شرق أوسط جديد.. وخروج أميركا وتأثيرها "السلبي" ونهاية الربيع العربي يضع إسرائيل في خطر
بين المشاكل الداخلية التي باتت تعاني منها، والتغيرات الجيوسياسية الأخيرة التي طرات على المنطقة مع التقارب السعودي الإيراني "غير المتوقع" وما تبعه من تحركات دبلوماسية لدول المنطقة للصلح والتقارب نحو تهدئة الأوضاع وانهاء التوتر من اليمن وسوريا وحتى لبنان، تجد إسرائيل نفسها في موقف لم تتوقع ان تتعرض له، بحسب وصف صحيفة إسرائيل هيوم الإسرائيلية.
التطورات الأخيرة تزامنت مع "تخبط" إسرائيلي في التعامل مع تبعات التقارب السعودي الإيراني والذي وضع جمودا على مخططات إسرائيل في المنطقة بحسب ما بينت المطلع في ملف سابق، وأوقفت تطبيق "التطبيع" الذي عملت إسرائيل على تحقيقه مع السلطات السعودية خلال الأشهر الماضية، ليظهر عن تل ابيب موقفا مغايرا عن المعتاد، القت باللائمة فيه على ما الت اليه الأمور على حليفتها واشنطن، فيما باتت تصدر "تحذيرات" للسعودية وتستعد على الأرض لــ "تدهور أمنى" بحسب ما كشفت عنه شبكة أي 24 نيوز الإسرائيلية.
الخارجية الإسرائيلية كشفت عن موقفها أخيرا، معلنة انها "تراقب الأوضاع عن كثب" و"تحمل الولايات المتحدة مسؤولية ما الت اليه الأمور بعد غياب دورها في المنطقة وتسليمه الى الصينيين"، مؤكدة ان "الجميع الان يتحدث مع الجميع"، في إشارة الى الوساطة التي تقوم بها بغداد مع دول المنطقة والتقارب الحاصل حاليا بين سوريا ودول الخليج بالإضافة الى ايران، الامر الذي وصفته بانه "في غير مصلحة إسرائيل".
التقارب والتصالح نحو تهدئة التوتر، امرا ليس بمصلحة إسرائيل، بحسب وصف معهد دراسات الامن القومي الإسرائيلي، حيث بينت صحيفة إسرائيل هيوم في تحليلها المنشور في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، بان تل ابيب تستغل تدهور العلاقات بين دول المنطقة، لتعزيز امنها، علاقاتها، وتحسين موقفها، مؤكدة أيضا نهاية "الربيع العربي" وتاثيره السلبي على إسرائيل.
إسرائيل تعلن نهاية "الربيع العربي" ... خروج أمريكا يطلق "عصر جديد في الشرق الأوسط" يهددها بشكل مباشر
بحسب تحليل الصحيفة الإسرائيلية، فان الأشهر القليلة الماضية شهدت "تقلبات وتغييرات هائلة" في منطقة الشرق الأوسط قادت الى خلق "تحالفات جديد’" بحسب وصفها، تلك التحالفات "قلبت من موازين القوى في المنطقة" بشكل لا يتناسب ومصلحة إسرائيل وامنها، وعلى الرغم من ان التبعات لم تظهر حتى اللحظة، الا ان إسرائيل "تراقب الأوضاع عن كثب" بحسب وصفها.
هذه التغييرات فصلتها الصحيفة بانها تنبع من تغير مواقف السعودية وايران من بعض والوساطة التي قامت بها بغداد بالإضافة الى الضمان الصيني الذي استبدل بشكل فاعل "الدور الأمريكي في المنطقة" بشكل لا يخدم مصلحة إسرائيل، مؤكدة، ان واشنطن "مشغولة بالحرب الأوكرانية بشكل قاد الى اهمال دورها في الشرق الأوسط بشكل كامل، الامر الذي منح الصين الفرصة لدخوله واحداث تغييرات كبيرة".
التقاربات الجديدة التي تحققت لم تقتصر فقط على السعودية وايران، تضمنت اعادة العلاقات مع سوريا من قبل تونس، قطر والامارات، والتحرك نحو إعادة دمشق الى حاضنة الدول العربية، بالإضافة الى تجدد العلاقات بين البحرين وقطر بعد انقطاع لاعوام، واستقبال السعودية لقادة منظمة حماس بعد عقود طويلة من الانقطاع والخلافات السياسية، الامر الذي مثل "خطرا" على الامن الإسرائيلي، موضحة موقف إسرائيل من التطورات الأخيرة، والذي يمثل "قلقا" غير مسبوق بحسب وصفها.
الباحث في معهد دراسات الامن القومي عصاف اوراين، صرح للصحيفة بان ما يحصل حاليا في الشرق الأوسط هو "نهاية للربيع العربي" ستترك تاثيرها الخطير على الامن الإسرائيلي بشكل كبير، موضحا "بالنظر بشكل موضوعي الى الأمثلة التاريخية في المنطقة فان ما يحصل حاليا يمثل بداية عصر جديد للشرق الأوسط".
العصر الذي بدا الان، يتميز بتقارب وسلام بين دول المنطقة قال اوراين ان السبب الرئيس يعود فيه الى "الدور الأمريكي الغائب"، موضحا "غياب الدور الأمريكي الذي كان يمثل ضامنا لامن معظم بلدانها منذ الضربة الإيرانية على السعودية عام 2019، تركها الان تواجه الاخطار بنفسها، الامر الذي قادها الى إعادة تشذيب سياستها الخارجية نحو المزيد من الهدوء والابتعاد عن التوتر ".
السبب الاخر بحسب اوراين هو استعداد الصين لملئ الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة وبشكل يختلف كليا عن أسلوب واشنطن، الامر الذي يتناسب مع مصالح دول المنطقة، موضحا "الصين تقدم نفسها كضامن امني لدول المنطقة وتحرص على تشجيع الهدوء والسلام بينها، على عكس التوجه الأمريكي الذي يستغل الاقتصاد كأداة لإجبار تلك الدول على اتخاذ مناهج تناسب رغبات الإدارة الامريكية السياسية".
دول المنطقة بحسب اوراين تفضل الان "تنويع" تحالفاتها الدولية خصوصا مع الصين كونها لا تفرض ضغطا اقتصاديا لاهداف سياسية كما تفعل واشنطن، تلك التحركات، قادت إسرائيل الى وضع "لم تتوقعه" بحسب وصف الصحيفة، الامر الذي يسبب الان "قلقا" كبيرا داخل اوساطها خصوصا مع اقترانه بمشاكل سياسية داخلية تعاني منها الحكومة الإسرائيلية.
إسرائيل تستعد للحرب.. الجميع "يتحدث" والعراق في مرمى انظارها
الخارجية الإسرائيلية اكدت للصحيفة انها "تراقب الأوضاع عن كثب" مبينة بان التطورات الأخيرة في المنطقة تمثل "سيناريو غير معتاد"، لم يمر على الحكومات الإسرائيلية من قبل، كاشفة خلال ذلك عن ان "الجميع يتحدث مع الجميع"، الامر الذي قاد الى تقلبات في المواقف وتحالفات جديدة غيرت من قوى المنطقة بشكل "هائل".
وتابعت "قبل خمس سنوات فقط، كان بالإمكان معرفة من يقف الى جانب من، وضد من، الان، الامر لم يعد كذلك"، مشيرة الى ان بعض الدول العربية ومنها الامارات، باتت تقيم علاقات دبلوماسية جديدة في المنطقة ردا على التقارب الحاصل بين تركيا وإسرائيل، الامر الذي قالت انه "يعيد تشكيل صورة خريطة تحالفات قوى المنطقة".
إعادة التشكيل وضعت "ضغطا" إضافيا على الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية في المنطقة، حيث اكدت الصحيفة ان التطبيع مع السعودية "لم يطبق بشكل كامل حتى اللحظة"، الامر الذي أكدته الخارجية الإسرائيلية التي قالت ان الامر لم يطبق بعد "لكنه ما يزال مطروحا على الطاولة"، بحسب وصفها.
التهديد الأكبر الذي تواجه إسرائيل الان بحسب تحليلها لم يتوقف عند التحالفات الجديدة وبداية "عصر الشرق الأوسط الجديد"، بل ما يزال حتى اللحظة هو "ايران" بحسب وصفها، مؤكدة "كان من المفترض ان تؤدي العقوبات الاقتصادية والخلافات السياسية في المنطقة الى عزل ايران واضعافها اقتصاديا، الامر الذي بات تحت خطر الانهيار نتيجة لتقارب طهران مع الدول العربية".
وتابعت "ايران تملك الان ثقة عالية بالنفس، فهي نشطة جدا في العراق وسوريا، بالإضافة الى تركيا مع احتمالية كبيرة بفوزها في الحرب في اليمن"، الامر الذي أكده اوراين معلنا "ان موقف إسرائيل الحالي بعد نجاح دول ايران، العراق، اليمن، سوريا ولبنان، بات ضعيفا بشكل واضح، خصوصا مع الحرية الكبيرة التي يتحرك بها الان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وبشكل علني".
الضعف الذي تعاني منه إسرائيل لم يقتصر فقط على الأوضاع الخارجية، بل تعداه الى الأوضاع الداخلية أيضا مع تعاظم التظاهرات والسخط الإسرائيلي من حكومة بنيامين نتنياهو وتلاعبها بالقضاء نحو حماية "متهمين بالفساد" ضمن حكومته، لكنها أيضا ما تزال "تملك بعض الأدوات" بحسب وصفها، ومنها اقامتها علاقات دبلوماسية وثيقة مع الدول المحيطة بايران مثل أذربيجان، البحرين، الامارات وأخيرا تركمانستان.
الرد الإسرائيلي على كشف ضعف موقفها مع التطورات الأخيرة تلخص من خلال "تهديدات" اطلقتها ضد دول المنطقة، حيث أوردت شبكة أي 24 نيوز الإسرائيلية تقريرا في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، تحدثت خلاله عن وجود "استعدادات إسرائيلية لتدهور امني في المنطقة ينطلق من البحر الأحمر"، مشيرة الى احتمالية اندلاع نزاع مباشر قد يؤدي الى حرب.
جيش الدفاع الإسرائيلي اكد للشبكة تلك المعلومات، مؤكدا ان قطعا بحرية إيرانية متمركزة في البحر الأحمر، باتت تمثل تهديدا مباشرا على الامن الإسرائيلي، مضيفة "حصلنا على معلومات اكدت أيضا حصول حزب الله اللبناني على طائرات وغواصات مسيرة قادرة على استهداف ابار النفط، السفن الحربية، والمواقع الحساسة داخل إسرائيل".
الجيش الإسرائيلي صرح للشبكة بانه يعتبر وجود القطع البحرية الإيرانية في البحر الأحمر "تهديدا" ليس فقط على امن إسرائيل بل على خطوط نقلها التجارية البحرية، مصدرة "تهديدات" طالت عدة دول من بينها العراق، بالإضافة الى لبنان، سوريا واليمن، لما قالت انه "خطر غير مباشر" تمثله تلك البلدان على إسرائيل.
موقف الجيش الإسرائيلي عكسه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الذي اصدر في العشرين من ابريل الحالي "تحذيرا" الى الحكومة السعودية من "مغبة استمرار تحسن علاقاتها مع ايران"، معلنا بحسب ما أوردت سي ان بي سي الأمريكية "ان تلك الدول التي تتشارك او تتحالف مع ايران لن تجد سوى البؤس بانتظارها، انظروا الى العراق والى سوريا واليمن، كلها بلدان فاشلة"، بحسب وصفه.
تهديدات الجيش الإسرائيلي ونتنياهو تبعها رد صدر عن نائب رئيس اركان الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد رضا نجدي، الذي صرح لوكالة انباء فارس في الثالث والعشرين من ابريل الحالي، ان دمار إسرائيل "بات قريبا" ، مؤكدا ان ايران تمكنت من "تجنيد" جواسيس داخل إسرائيل نفسها بعضهم اتى الى الإيرانيين "طواعية" وقدموا لها معلومات حساسة.
ما خلصت اليه التحليلات التي صدرت اخرها اليوم الاحد، اكدت ان الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة تتحسن بشكل عام، الا فيما يتعلق بإسرائيل، التي باتت قلقة من مواجهة عزلة سياسية بعد تقارب الدول وتحركها نحو السلام وانهاء الخلافات عقب اختفاء الدور الأمريكي السلبي عن المنطقة والتي بينت التحليلات انها كانت السبب وراء اشتداد التوتر، والخلافات الكبيرة بين بلدانها.