للجمعة الثانية على التوالي، يواصل التيار الصدري تحشده الشعبي داخل المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد بينما تحشد جماهير الإطار التنسيقي على اسوار المنطقة رفضا لـ "لاستهداف القضاء" تزامن ذلك مع دعوة وجهها الصدر لانصار الاطار داعهم الى نصرة الإصلاح، حيث اعلن انصار القوى السياسية داخل الاطار عن اعتصام مفتوح على مقتربات الخضراء لحين تحقيق مطالبهم.
وأصدرت اللجنة التنسيقية المنظمة لتظاهرات الاطار سلسلة مطالب ابرزها الإسراع بتشكيل "حكومةٍ خدميةٍ وطنيةٍ كاملة الصلاحيات وفق السياقات الدستورية، لإعادة هيبة الدولة ومعالجة مشاكل المواطن العراقي"، إضافة الى مطالبة "القوى السياسية وخصوصا الكردية منها بالتعجيل في حسم مرشح رئاسة الجمهورية، وتكليف مرشح الكتلة الأكبر لرئاسة الوزراء، وإنهاء كل ما يعيق الإسراع بحسم الموضوع".
وأكدت اللجنة في بيان "الدعم التام للقضاء العراقي ومؤسساته ونرفض أي تجاوز عليه، أو الإساءة له، فهو الركيزة الأساس التي تقوم عليها الدولة العراقية ومطالبة رئيس مجلس النواب بإنهاء تعليق العمل والتحرك الفاعل من أجل إخلاء المجلس وتفعيل عمله التشريعي والرقابي، فهو منتخب من الشعب، والشعب له حقوق معطَّلة، وينتظر من ممثليه أداء واجباتهم بصورة كاملة".
وطالبت "القوى السياسية بالالتفات إلى الشعب، وندعو إلى الالتزام بالقانون والدستور لمواجهة تحديات الغلاء المعيشي وفساد البطاقة التموينية، وشحة الماء، كما نطالب بإنهاء مأساة الكهرباء في هذا الحر اللاهب، وغيرها من الخدمات الأساس التي يجب على الدولة تقديمها للمواطنين"، منبهة الى ان "البلد دون حكومةٍ كاملة الصلاحيات قد وصل إلى مرحلة صعبة، وتعاني الجماهير مِن هذا الوضع المأساوي أشدّ المعاناة، فاتركوا مصالحكم الشخصية والحزبية والفئوية، واحتكموا إلى الدستور والقانون من خلال تظاهراتنا هذه واعتصامنا الذي أعلنّا عنه الآن، فإننا نعلن التزامنا التام وطاعتنا لكل ما يصدر من المرجعية الدينية العليا".

الشارع ليس لجهة واحدة

ويبدو ان زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي فتح باب المواجهة بالتصريحات مع الصدر بعد ان أشاد بالتظاهرات التي اطلقها انصار الاطار بمحيط المنطقة الخضراء حيث أشار الى ان التظاهرات اثبتت ان الشارع ليس ملكا لجهة واحدة، في اشارة الى التيار الصدري.
وقال المالكي في بيان إن "التظاهرة الحاشدة التي دعا لها الإطار التنسيقي، عبرت عن تفاعل جماهيري كبير لمواقف الاطار، وبعثت برسالة واضحة أن الجماهير العراقية بتوجهاتها كلها تفاعلت مع الدفاع عن شرعية الدولة، وحماية المؤسسات الدستورية التشريعية والقضائية".
وأضاف أن التظاهرة "بعثت بسلمية فعاليتها رسالة أخرى إلى كل المكونات السياسية أن تعالوا إلى كلمة سواء لعبور الأزمة التي يخشى منها على المسار السياسي الدستوري، ولاجتناب تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، وتعطيل مجلس النواب المنتخب الذي تشكل وفقاً للقانون والدستور، وعرقلة انعقاد جلساته".
وأشار إلى أن "التظاهرات أوضحت دون شك، أن الشارع لا يمكن أن تستحوذ عليه جهة دون أخرى، وإنما هو ساحة تفاعل واستجابة لكل ما هو دستوري ومشروع، وان العراقيين... يريدون أن يروا مؤسسات الدولة تعمل وتنشط... ولا يريدون أن يروها معطلة".

الاطار يتمسك بتشكيل الحكومة

ومع بقاء احتجاجات التيار الصدري على مطالبها، تغيرت ملامح توجهات الاطار بحسب ما شهدته التظاهرة اليوم الجمعة، حيث اشارت الى الشعارات والدعوات التي رفعها انصار الاطار الى المضي بتشكيل الحكومة على عكس التصريحات التي صدرت خلال الأسبوع الماضي التي وافقت على دعوة الصدر بالذهاب نحو انتخابات جديدة وفق شروط تحدد خلال لقاء يجمع الصدر بممثلين عن الاطار.
وبحسب معطيات تظاهرات اليوم وما نتج عنها من دعوات وتوجيهات فأن الإطار التنسيقي تراجع عن الموافقة على اجراء الانتخابات من جديد ويصر على ان تمضي القوى السياسية باتجاه تشكيل الحكومة الجديدة بتكليف مرشح الاطار محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.
ويرغب زعماء الاطار بحل ملف رئاسة الجمهورية عبر توافق الكتل الكردية حيث يحتاج تشكيل الحكومة الجديدة الى انتخاب رئيس للجمهورية الذي يتطلب بدوره توافقا بين الحزبين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني.

المالكي يوحد صفوف الإطار

وكشفت مصادر سياسية مطلعة عن ان تصريحات زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي خلال الأيام الماضية برفض الذهاب للانتخابات الجديدة وحدت صفوف الاطار حول قرار تشكيل الحكومة مع عدم قبول الصدر فتح باب الحوار معهم لحل الازمة الحالية.
وقالت المصادر ان "زعماء القوى السياسية في الإطار وحدوا مواقفهم مؤخرا بالتمسك بخيار تشكيل الحكومة وإعادة انعقاد جلسات مجلس النواب واستكمال الاستحقاقات الدستورية"، مبينة ان "زعماء الإطار رأوا في موقف الصدر الأخير الرافض للحوار معهم ضياع للوقت حيث لا يريد الإطار تفويت الفرصة الحالية باعتباره الكتلة الأكبر في البرلمان لتشكيل الحكومة من قبله".
واردفت ان "التنسيقي قد يعود مجددا بقيادة المالكي لفتح الحوارات مع باقي القوى السياسية الأخرى لتعجيل حراك تشكيل الحكومة وأبرزها القوى الكردية التي تمتلك مفتاح الحكومة الجديدة إذا قدمت مرشحا لرئاسة الجمهورية".

تدخل دولي او حرب أهلية

ويرى الخبير الاستراتيجي صالح الشذر ان استمرار المشهد السياسي الحالي قد ينذر بنهاية مخيفة للعراق وقد يدفع المجتمع الدولي الى التدخل لحل الازمة، بينما يشير الى ان الصدر يرفض محاورة جزء من الاطار وليس كله.
وقال الشذر في حديثه لـ "المطلع"، ان "الصدر رافض الحوار مع جزء من الاطار وليس الاطار ككل وابلغ العامري منذ أيام بعدة شروط مقابل الحوار ولكن هذه الشروط لن تتحقق".
وأضاف ان "ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت زارت الصدر قبل أيام ولم يعرف ماذا تداولا من حديث ومباحثات لكن بحسب التكهنات فان بلاسخارت والصدر تباحثا حول التغيير الإيجابي".
وأشار الى ان "الصدر يريد حل البرلمان لانه يعتقد عدم إمكانية حصول اتفاق داخل البرلمان لحل نفسه وهناك الكثير من النواب لن يتخلوا عن مصالحهم".

المالكي يريد المناورة

ويضيف الشذر ان "زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي يريد المناورة بكسب الوقت ومن ثم تشكيل الحكومة الجديدة وبعد تشكيلها سيتعامل مع أي احتجاج يخرج ضد الحكومة بمثابة انقلاب".
ولفت الى انه "اذا استمر المشهد الحالي سنصل الى نهاية مسدودة قد تجر البلاد الى حرب أهلية".
وبين انه "اذا استمرت الخلافات بين القوى السياسية العراقية من المرجح ان تكون هناك تدخلات دولية سواء من الأمم المتحدة او مجلس الامن الدولي او حتى الجامعة العربية"، مؤكدا ان "التدخل الدولي قد يحصل لصالح الشارع العراقي بعيدا عن صراعات الساسة".
وكان المالكي قد رفض دعوة الصدر لاجراء الانتخابات حيث قال، "لا حل للبرلمان الا بعودة البرلمان"، بينما يرفض الصدر الحوار متمسكا بالاحتجاج الشعبي بمحيط البرلمان.