استعراض عضلات من الصدر وتحركات من الموساد.. هل يتم "استغلال" الصدريين بالهدف من عمليات "حرق" القران
تلك الأفعال والتي اثارت استغراب العديد من وسائل الاعلام الأجنبية والمحللين لعدم وجود باعث لارتكابها بالإضافة الى ربطها بالعلم العراقي والاحداث التي تجري داخل البلاد، قادت الى احداث لم تقتصر على الشأن المحلي العراقي فحسب، بل على صعيد العلاقات الدولية لحكومة رئيس الوزراء الحالية محمد شياع السوداني، وسط محاولاته المستمرة على حسب بيانات حكومته لاجتذاب الاستثمار الأجنبي للعمل في العراق.
الجدل حول أسباب الجريمة التي طالت العراق والكتاب المقدس للمسلمين تبعه الكشف عن العديد من الحقائق التي تتعلق بمرتكبي الفعل والاهداف التي يحاولون الوصول اليها، من ارتباط موميكا وأحزاب "وطنيي الدنمارك" بالحكومة الإسرائيلية والى "استثمار" الحدث من قبل التيار الصدري لتحقيق "عودة سياسية" عبر المنصة الشعبية في الشارع، مستغلا الحادثة لــ "التاثير" على حكومة السوداني والاطار التنسيقي وتنفيذ طموحه بالسيطرة على العملية السياسية، بحسب وصف شبكة ذا نيو اراب عبر تقرير نشرته في الرابع والعشرين من الشهر الحالي.
من هي مجاميع "الوطنيين" وموميكا.. علاقتهم بإسرائيل واهداف تل ابيب
الأفعال التي اطلقها موميكا خلال جريمته بحرق الكتاب المقدس للمسلمين خلال عيد الأضحى الماضي والذي اقترن أيضا بحرق العلم العراقي امام سفارة البلاد في العاصمة السويدية ستوكهولم، كشف عن الأهداف خلفها عقب بيان صدر عن الاستخبارات الإيرانية واوردته صحيفة طهران تايمز في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، حيث اكدت "ارتباط موميكا بالموساد الإسرائيلي".
موميكا بحسب المعلومات التي كشفت عنها الاستخبارات الإيرانية، ارتبط بالموساد الإسرائيلي بعد تجنيده عام 2019، حيث قام بانشاء حزب محلي باسم "تحالف الاشوريين الديمقراطي" حاول من خلاله اقناع تل ابيب انه يمثل المعارضة السياسية في العراق، تلك المحاولات بحسب المعلومات التي كشف عنها بائت بالفشل، حيث لم تقتنع تل ابيب حينها بدعم حزبه، لكنها استخدمته لــ "جمع المعلومات عن الفصائل العراقية المقاومة وقياداتها وانشطتها داخل البلاد مستغلة ارتباطه بالفصائل المسيحية المسلحة داخل العراق".
بعد فشل موميكا في تحقيق الأهداف التي وضعها له الموساد الإسرائيلي، اضطر موميكا الى مغادرة العراق نحو أوروبا، حيث فشل بالحصول على اللجوء في عدة دول أوروبية، الامر الذي دفعه للتواصل مع إسرائيل مرة أخرى حيث وافق الموساد على تجنيده بالكامل عام 2019.
موميكا لم يكن الوحيد الذي تم استخدامه من قبل الموساد الإسرائيلي لــ "استهداف العراق" بحسب المعلومات التي كشف عنها، حيث اكدت صحيفة ريببلكا أي دي الدنماركية في تقرير نشرته في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، ان مجموعة "باتريوتير دينسكا" الدنماركية والتي قامت بعمليات تجاوز على كتاب المسلمين المقدس متكررة كان اخرها قبل أيام، لها ارتباطات بإسرائيل والموساد.
الصحيفة قالت ان المجموعة "المتعصبة عرقيا" تنتمي بشكل غير مباشر الى حزب دانز فولكبارتي، او "حزب الشعب الدنماركي"، والذي اكدت ان له ارتباطات معلنة بإسرائيل ويدعم بقائها على أراضي فلسطين، بالإضافة الى رفضه انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي ورفض الاعتراف بدولة فلسطين.
الحزب الذي اشارت الصحيفة الى انه "يحظى بدعم مباشر" من الحكومة الإسرائيلية، ساهم بشكل فاعل بتحريك اتباعه والتي تنتمي مجموعة باتريوتير دانسكا اليها لاستهداف العراق بشكل مباشر، مؤكدة ان عمليات حرق القران والتي رافقت عمليات حرق العلم العراقي، هي "تحركات سياسية" تقف ورائها إسرائيل وتهدف الى "التاثير على فترة الاستقرار السياسي الحالية التي حظي بها العراق والدفع بحكومة السوداني نحو قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تلك الدول وتقليل وصول شركاتها الاستثمارية الى العراق"، الامر الذي توافق تقرير الاستخبارات الإيرانية معه في المضمون.
الصحيفة اشارت أيضا الى ان المجموعة المتعصبة والتي تقف ورائها الحكومة الإسرائيلية بالإضافة الى موميكا، نجحت الى حد كبير بتحقيق اهداف التحركات التي قالت انها تستهدف العراق بشكل مباشر، معلنة انها دفعت بالسلطات العراقية الى قطع العلاقات الدبلوماسية مع السويد بالإضافة الى وجود تهديدات حالية بقطع تلك العلاقات أيضا مع الدنمارك عقب عمليات الحرق التي قامت بها المجموعة في كوبنهاغن.
المتضرر المباشر من تلك الاحداث اعلن من خلال تقرير لشبكة توتال تيلي السويدية، التي اكدت ان الخاسر الأول والاكبر من عمليات التجاوز على القران والعلم العراقي التي قام بها موميكا هي شركة ايركسون السويدية التي اضطرت الان الى "إعادة النظر" بتواجدها في العراق، مؤكدة انها مهددة بخسارة المليارات من الدولارات في استثماراتها داخل العراق في حال قررت سحب كوادرها من البلاد نتيجة للمخاطر الأمنية المترتبة على وجودها وارتباطها بالسلطات السويدية، على الرغم من كونها شركة خاصة.
موقف الشركة السويدية تزامن مع انباء تم تداولها من وسائل اعلام غربية مثل رويترز اكدت ان السلطات العراقية قامت بــ "سحب تراخيص عمل" الشركات السويدية من داخل العراق، الامر الذي نفاه مستشار رئيس الوزراء فرهاد علاء الدين الذي اكد للشبكة ان الحكومة العراقية لم تقم بسحب أي تراخيص عمل من الشركات السويدية.
الصدر "يستعرض" عضلاته.. هل يستثمر الصدريين الحادثة ام يتم استغلالهم
تبعات عمليات الحرق المباشرة والمستمرة والتجاوز على الكتاب المقدس للمسلمين والعلم العراقي، ترجمت الى تظاهرات عنيفة انطلقت داخل العاصمة بغداد من قبل اتباع التيار الصدري واستهدفت سفارات الدنمارك والسويد، مما قاد الى مزيد من التوتر الدبلوماسي بين بغداد من جهة، كوبنهاغن وستوكهولم من جهة أخرى، بالإضافة الى "تدهور" في الاستقرار السياسي والأمني داخل العراق.
الصدر وبحسب ما أوردت وكالة رويترز الدولية عبر تقرير نشرته في الرابع والعشرين من الشهر الحالي، قام بتحريك اتباعه وتحشيدهم في الشارع نحو تظاهرات تستهدف سفارتي الدولتين، معلنة ان ما يقوم به الصدر الان هو "استثمار" للجرائم التي قامت بها الأحزاب المتطرفة في أوروبا نحو تحقيق "عودة سياسية".
وتابعت "التظاهرات التي قادها التيار الصدري ضد السفارات الأجنبية وبالتالي الخلافات التي تبعتها مع الحكومة العراقية، عطلت من الاستقرار السياسي النسبي الذي حظيت به حكومة محمد شياع السوداني خلال الأشهر الماضية"، مشددة "من الواضح ان ما يقوم به الصدر الان لا يستهدف تلك الدول بقدر ما هو بعث برسائل سياسية الى منافسيه داخل العراق وخصوصا أحزاب الاطار التنسيقي التي تقود الحكومة الحالية".
الوكالة وصفت تحركات الصدريين في الشارع بانها "استعراض عضلات" يقوم به الصدر بهدف "إيصال رسائل الى الاطار التنسيقي يؤكد خلاله قوته ويحذر غرمائه من انه ما يزال متحكما في الشارع العراقي وان انسحابه من العملية السياسية لا يعني نهائيا فقدانه تلك القوة"، بحسب وصفها.
الباحث في الشأن السياسي العراقي احمد يونس صرح للوكالة بان الصدر "ما يزال ناجحا جدا في استخدام سلاحه المميت ضد خصومه السياسيين وهو قدرته على تحشيد الاعداد الكبيرة من الاتباع وتنظيمهم في الشارع العراقي"، معلنا بان التظاهرات الحالية هي "تذكير" للإطار التنسيقي وحكومته.
الوكالة اشارت الى ان الاحداث الحالية تبين بشكل ما بان التحركات التي تقوم بها الجهات المتطرفة في أوروبا وتستهدف من خلالها العراق تحاول بشكل مباشر نزع الاستقرار السياسي الحالي من خلال إعادة الصدر الى الواجهة مرة أخرى، مؤكدة ان خلافات الصدر مع كل من واشنطن وطهران قادت الى فترات من المشاكل السياسية بينت ان تل ابيب تحاول إعادة تفعيلها مرة أخرى عبر "استغلال" الصدريين.
موقف الصدر ومحاولته "استثمار" عمليات حرق القران والعلم العراقي لتحقيق "عودة سياسية"، أكده ساسة حزبه بحسب تصريحات للوكالة دون الكشف عن هويتهم، حيث اكدت نقلا عنهم "ان انسحاب الصدر من العملية السياسية لا يعني نهائيا انسحابه من العمل السياسي"، متابعين "على هؤلاء الذين يقودون الحكومة العراقية حاليا ان يفهموا باننا في التيار الصدري لن نبقى صامتين على أي مسائل حيوية"، مشددين "اتباعنا المكونين من مئات الالاف مستعدين دائما للتحرك نحو الشارع في حال احتجنا ذلك".
رسائل القادة الصدريين الواضحة اثارت الجدل حول ما اذا كان التيار الصدري يقوم بــ "استثمار" الاحداث الحالية لتحقيق عودة سياسية قبيل انتخابات مجالس المحافظات التي من المؤمل ان تعقد نهاية العام الحالي، ام انهم "يتعرضون للاستغلال" من قبل الموساد الإسرائيلي والجهات التي دفعت بعمليات التجاوز على العلم العراقي والكتاب المقدس للمسلمين مطلقة العنان للاحداث الحالية التي اثرت على العراق على صعيد الاستقرار السياسي المحلي، الاستثمارات الأجنبية، وعلاقات بغداد الدبلوماسية مع دول تعمل مع العراق دون المشاركة في المحور الأمريكي الإسرائيلي.
المعلومات التي كشفت عنها وسائل الاعلام الأجنبية حول وجود محاولات إسرائيلية للتاثير على الامن والاستقرار العراقي الداخلي والدفع بصراع اهلي جديد من خلال استغلال الصدريين وتحركاتهم ضد السفارات والبعثات الأجنبية، أشار اليه رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد في بيان رسمي بحسب ما بينت وكالة سبوتنك الروسية، التي اكدت نقلا عنه وجود "ايدي تتحرك وتحاول اظهار العراق كدولة غير امنة للبعثات الدبلوماسية لتحقيق اهداف سياسية"، بحسب وصفه.
حتى اللحظة، ما تزال التبعات الكاملة لعمليات استهداف العراق عبر الأحزاب والشخصيات المتعصبة في أوروبا واستغلال التيار الصدري محليا، غير واضحة المعالم كليا، لكن المؤكد بحسب وسائل الاعلام الأجنبية والمعلومات التي كشفت عنها، ان عمليات الاستهداف "سياسية" وتحاول بشكل مباشر التاثير على الصدريين محليا و"استغلالهم" لتحقيق اهداف سياسية اجنبية داخل البلاد، الامر الذي اشارت أيضا الى انه يتوافق مع مساعي الصدر لــ "استثمار" هذه الاحداث نحو تحقيق عودة سياسية كاملة عقب انسحابه.
كلمات مفتاحية
- العراق
- بغداد
- التيار الصدري
- مقتدى الصدر
- الموساد الاسرائيلي
- السويد
- الدنمارك
- حوادث حرق القرآن
- سلوان موميكا
- خامنئي
- حرق العلم العراقي