آمال العرب معلقة على التغيير وأحلامهم تراوح في مكانها
نسائم ربيع اعتقدها البعض؛ إلا أنها نفحات أشعلت المنطقة برمتها.. عقد من الزمن وما زالت آمال العرب معلقة على التغيير وأحلامهم تراوح في مكانها.
عود ثقاب أشعل به البائع التونسي المتجول محمّد البوعزيزي فتيل شرارة ما عُرف بالربيع العربي؛ بدأت من تونس أواخر عام الفين وعشرة؛ حيث عمت البلاد حركة احتجاج أجبرت الرئيس زين العابدين بن علي على التخلي عن السلطة.
هذا التحول ألهم شعوبا أخرى للسير في ركب التغيير والإطاحة بالحكام. وانطلقت عدوى التظاهرات من شوارع القاهرة المدينة الأكبر في المنطقة بعمقها السياسي والتاريخي؛ قبل أن تتدحرج كرة الثلج هذه في معظم الدول التي انتقلت اليها وتحطمّ آمالاً كثيرة. فالزلزال السياسي والجغرافي الذي هز المنطقة بدءا من عام الفين واحد عشر تحت مسمى الربيع العربي بات شتاء قارسا؛ وهو مصطلح بدء مع عسكرة الثورات وصعود التطرف الديني واندلاع الحروب والنزاعات وعلو صوت العنف الذي أججته الجماعات الإرهابية.
لم تنضج ثمار الربيع المنتظرة كما كانت الشعوب تأمل؛ وأدت إلى نتائج متفاوتة تبعتها إصلاحات مخيبة للآمال في أحسن الأحوال، أو ردود فعل قمعية من أنظمة دكتاتورية، أضف إلى ذلك نزاعات دامية. ودخول أطراف خارجية على خط الأزمات لتدعم أطرافا مختلفة في صراعها على السلطة واستغلال موارد وخيرات الدول. فباستثناء تونس، لم تملأ أي إصلاحات ديموقراطية الفراغ الذي خلّفه سقوط الأنظمة؛ غير أن الإصلاحات التي يطالب بها الشعب هناك لم تتحق بعد؛ ولا تزال البطالة والتهميش والتضخم وهي الملفات التي أوقدت فتيل الاحتجاجات؛ على حالها؛ فيما تنخر التجاذبات السياسية الحادة جسد الطبقة السياسية في البلاد.
ومع ذلك، فإن روحية الثورة لم تمت بعد، وهو ما تجلّى بعد ثماني سنوات في اندلاع موجة ثانية من الانتفاضات الشعبية في كل من السودان والجزائر والعراق ولبنان.
وفي القراءة الشاملة للموقف؛ يبدو أن القدر محتوم على الشرق الأوسط بجمود الحياة السياسية؛ وهو دليل بؤكده الفشل المأسوي للربيع العربي الذي خيب آمال من خرجوا الى الشوارع والساحات وحول أحلامهم إلى ما يشبه السراب.