
"معهد واشنطن" يؤشر تراجع الهوية الوطنية بالعراق ويستعبد حسم الانتخابات بالأغلبية
حذر "معهد واشنطن" الأمريكي، من أن تزايد شرائح بالمجتمع لا تغلب الهوية الوطنية الجامعة، ينذر بـ"تصدع السياسة العراقية"، و يشكل مؤشرا على أن الانتخابات البرلمانية المقبلة، لن تكون حاسمة في ظل تشرذم الأحزاب على الأسس الطائفية والعرقية، عوضا عن التنافس استنادا الى البرامج السياسية.
وأوضح التقرير الأمريكي الذي ترجمته المطلع، أنه:" في ظل توجه العراق نحو الانتخابات، تظهر مواقف متعارضة في الرأي العام العراقي، حيث يتزايد الشعور الإيجابي للعراقيين تجاه الحكومة الوطنية ورضاهم عن ادائها، الا انه يوجد أيضاً توجه مقلق حيث أن نحو نصف العراقيين يعرفون عن انفسهم بهوياتهم الفرعية، وخاصة انتمائهم العرقي او الطائفي، وليس على هويتهم كمواطنين عراقيين.
وبعدما حذر التقرير من أن الميل نحو التماهي مع الهويات الطائفية، ارتبط سابقا باضطرابات أو صراعات، استعان ببيانات موقع "مقياس الرأي العام العراقي" الذي يتخذ من عمان مقراً له، والذي يرصد الأسس الاجتماعية اللازمة لنجاح العراق كديمقراطية ليبرالية، بما في ذلك من خلال مقاييس مثل مدى رضاهم عن حياتهم، وتقييمهم للاداء الديمقراطي، وفعالية حكم النخبة الحاكمة، بالاضافة الى مستوى التفكير الطائفي بين السكان، ومدى تعريف العراقيين بهويتهم العراقية، مقارنة بالهويات المحلية والعابرة للهوية الوطنية.
وتحدث التقرير عن تحسن الأساس العام للمواقف تجاه استقرار الديمقراطية العراقية بشكل محدود، وهو ارتفاع مرتبط بتنامي الايجابية تجاه مؤشرات "الحوكمة" بدءا من منتصف العام 2023، خلال ولاية رئيس مجلس الوزراء شياع السوداني، مضيفا انه سواء ارتبط الأمر بالثقة في الحكومة، أو تقييم اداء رئيس مجلس الوزراء نفسه، او طريقة عمله، فان العراقيين عبروا عن اتجاهات ايجابية واضحة.
وأوضح التقرير أن نسبة من يعبرون عن ثقتهم بالحكومة الاتحادية، ارتفعت من 26% في بداية العام 2022 (قبل انتخاب السوداني) الى 54% حاليا، في حين تزايدت نسبة من يقولون أن الوضع الامني جيد نوعا ما او جيد جدا، من 22% الى 70%، بينما ارتفعت نسبة من يقولون ان العراق يسير في الاتجاه الصحيح من 18% الى 53% خلال الفترة نفسها.
إلا أن التقرير نبه إلى وجود تحذير واحد ومؤشر تحذيري محتمل يتمثل في تحول المواقف فيما يتعلق بالهوية الوطنية، حيث أن 53% من العراقيين يمنحون الأولوية لهوياتهم الفرعية (الدينية، والعرقية، والطائفية وغيرها) مقابل هويتهم العراقية الأوسع.
وأشار التقرير الى أن من شملهم الاستطلاع سئلوا "كيف تفضل تعريف نفسك؟"، وهو سؤال يطرح منذ العام 2004 عندما ظهر شبح الحرب الطائفية حيث وصف أقل من ربع العراقيين انفسهم وقتها بأنهم "عراقيون بالدرجة الاولى"، لكن هذه النسبة ارتفعت إحلى الثلثين بعد الحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة، ثم تراجعت مرة أخرى الى الحد الأدنى خلال العام 2012 مع بدء داعش في احتلال مساحات واسعة من العراق.
وأضاف التقرير انه بعد تحرير العراق من داعش، ارتفع الشعور بالهوية الوطنية، ليصل الى 58% في العام 2022.
لكن التقرير حذر من أن مؤشر الهوية الوطنية تراجع مجددا في بداية هذا العام، وكان العامل الرئيسي خلف ذلك هو ان وسائل الاعلام العراقية، القائمة بدرجة كبيرة على أسس طائفية وعرقية، تتحدث بلغة طائفية متزايدة خلال العام الماضي، وذلك في محاولة لاستقطاب المشاهدين من خلال قضايا تتلاعب بمشاعرهم، مذكرا بأن التنافس الطائفي كان تقليديا قضية تستخدم من أجل تعبئة المجتمعات المختلفة في البلد.
وتابع التقرير أن هذه المواقف تكون متباينة مع اختلاف المجموعة الطائفية أو العرقية، فمثلاً يقول 60% من العرب السنة أن هويتهم العراقية هي الأولوية القصوى، مقابل 52% من العرب الشيعة.
إلا أن التقرير لفت إلى أن نسبة العرب السنة الذين فضلوا الهوية الوطنية الموحدة لم تتخطَ الـ 40% في العام 2007، مقارنة بأكثر من 60% للعرب الشيعة.
وأضاف التقرير أن: الغالبية العظمى من الكرد لا تزال تؤكد على الهوية الكردية بشكل عام، مشيراً إلى ان غياب الهوية العراقية لدى معظم الكرد، ادى إلى دعوات للاستقلال أو مزيد من الحكم الذاتي بين العديد منهم، ولكنه ادى ايضا الى شعور مماثل بالإحباط تجاه ما تمكنت حكومة اقليم كردستان من تحقيقه على مستوى الإقليم، مثلما اظهرته الانتخابات الكردية الاخيرة.
وأشار التقرير الى أن الفترة التي تلت تحرير الموصل من داعش، شهدت انقلابا كاملاً، حيث اصبح السنة أكثر تفاؤلا وايجابية في آرائهم مقارنة بالعرب الشيعة والكرد، والذين أظهروا انخفاضاً واضحاً في رضاهم عن السياسة في العراق، مضيفاً أن الصدام بين اقليم كردستان والحكومة العراقية في أيلول/ سبتمبر 2017 بعد استفتاء الاستقلال، وما تلاه من انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 2019 في بغداد والجنوب ، أظهر الآثار التي يمكن أن تخلقها مثل هذه التحولات في الرأي العام على النظام السياسي في العراق.
واعتبر التقرير أن من بين التفسيرات لذلك، هو أن العرب السنة قد تقبلوا وضعهم الجديد في عراق ما بعد صدام بعد أهوال داعش ومع تكيف النظام السياسي العراقي الى حكومة تستوعب المجتمع العربي السني.
وفي المقابل، قال التقرير أن العرب الشيعة والكرد لم يشاهدوا تحقق توقعاتهم العالية لنظام سياسي جديد في ظل التطورات السياسية والاقتصادية الحاصلة.
ولهذا، أوضح التقرير أن المخاوف بشأن مستقبل البلد تتزايد حدة بين الكرد، وانه بينما يعتقد 62% من السنة و56% من الشيعة ان العراق يسير في الاتجاه الصحيح، تنخفض هذه النسبة بشكل حاد الى 11% فقط بين الكرد.
ولفت التقرير إلى أنه عند سؤال العراقيين عن مستوى ثقتهم بالحكومة الاتحادية، أظهر 62% من السنة ثقتهم بها، مقارنة بـ 57% من الشيعة و33% فقط من الكرد.
وبعدما قال التقرير أن: "الطائفية تمثل آفة في العراق"، ذكر بأن صعود داعش كان بمثابة المثال الاكثر وضوحا على التداعيات الطائفية، الا ان هناك عواقب سلبية اخرى ناجمة عن عدم تشارك العراقيين في الهوية الوطنية المشتركة، حيث تسبب منح الاولوية للهويات الفرعية على الهوية الوطنية بـ"تصدّع السياسة العراقية" بينما صارت الأحزاب السياسية متشرذمة بقوة على أسس هويات طائفية وعرقية في معظمها، بدلا من البرامج السياسية القائمة على رؤى متنافسة.
ونبه المعهد الامريكي أن هذا الوضع "جعل اقامة التحالفات امرا بالغ الصعوبة بعد الانتخابات، وهي مشكلة يرجح تكرارها في الجولة الانتخابية المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2025"، مضيفا ان: "غياب الهوية المشتركة ادى الى قيام نظام سياسي مبني على ضمان تعاون مختلف الجماعات الفرعية في صنع السياسات وتنفيذها" من خلال "المحاصصة".
ووفقا لتقرير المعهد فإن "الولاءات المحلية، الحقت الضرر بفرص البلد في ان يصبح نظاما سياسيا ديمقراطيا فعالا".
وخلص التقرير الأمريكي إلى أنه: "في ظل حالة التشرذم في المشهد الحزبي السياسي، والقائم على هويات دون وطنية وأحزاب مبنية حول قادة محددين بدلا من المرتكز الايديولوجي، فإن المرجح في الانتخابات المقبلة، الا يتمكن اي حزب من الفوز بأغلبية الاصوات، وهو ما يعني انه في العام 2025، مثلما كان الحال منذ أن أجرى العراق انتخابات وطنية، ستكون هناك مرحلة طويلة من المفاوضات حول الاحزاب والافراد الذين سيكونون جزءا من الحكومة الجديدة، مما يعني ان القرارات المتعلقة بمن يمارس السلطة في العراق سيتم اتخاذها خلف الأبواب المغلقة".
كلمات مفتاحية
اخبار ذات صلة
تعليقات
أحدث الاخبار

أسرار وجبات رونالدو... تعرف على أغلى طبق قدمه له طباخه السابق

تصوير الأسئلة ممنوع... عقوبات مفاجئة تهز المشهد التعليمي

بالوثائق... اتهام لهيئة الإعلام والاتصالات بالتقصير في استحصال ديون شركة "كورك"

الدولار يتراجع في أسواق بغداد وأربيل مع إغلاق بورصتي الكفاح والحارثية

القائد العام يوجه بتخصيص قطع أراضٍ لوزارة الداخلية ضمن توسعة النهروان

المالية تحدد إتمام السن القانوني إلى 60 عاما بشأن الإحالة إلى التقاعد

الذكاء الاصطناعي يكشف حقيقة الظواهر الغامضة على كوكب المريخ

بالوثيقة... المفوضية تلغي المصادقة على تحالف الأنبار المتحد

تأكيد حكومي على أهمية دور رجال الدين بترشيد الخطاب ومحاربة التطرف

الفستق يسجل نموا عالميا والعراق ضمن أكبر الأسواق المستهلكة

بعد شائعات طويلة... أحمد السقا يعلن انفصاله عن الإعلامية مها الصغير

ريال مدريد يستعد للمرحلة المقبلة بصفقة سريعة وفتاكة من الليغا

الرحيل على الطاولة... جوارديولا يضع حدا لصبره مع مانشستر سيتي

بعد وفاة طالب وإصابة آخرين... إقالة قيادات في الكلية العسكرية الرابعة

إطلاق راتب المعين المتفرغ لشهر أيار الحالي

العراق... تدريب تحت الشمس ينتهي بفاجعة في الكلية العسكرية الرابعة

اتفاقية عراقية صينية لخلق بيئة استثمارية خالية من الفساد
