صحف ايرانية تشيد بدور السوداني.. العراق يعود لخارطة التوازنات في المنطقة
عانى العراق منذ عقود من تراجع مكانته الاقليمية والدولية بسبب الانظمة السياسية التي تعاقبت على حكمه، التي لطالما كانت تدور في فلك القوميات او المحاور الدولية.
و مثّلت حقبة البعث الصدامي نكبة العراق وتراجعا لدوره رغم انخراطه المعروف في مواجهة الثورة الاسلامية في ايران وشنّه حربا بالنيابة عن الغرب على ثورة وليدة. لكن مع ذلك فقد كان العراق معزولاً وبلا تأثير دولي يذكر.
وتعتبر فترة ما بعد احتلال العراق ٢٠٠٣ امتدادا لما قبلها. فبالرغم من مزاعم امريكا وحلفائها، الذين ضربوا عرض الحائط ما يسمى بالشرعية الدولية وانفرادهم باحتلال العراق، فإن بغداد عانت من عزلة مضاعفة، بل تحوّلت بلاد الرافدين الى مسرح لتصفية حسابات امريكا مع القاعدة وغيرها من التنظيمات الارهابية؛ كما ذكر ذلك اكثر من مسؤول امريكي في وقتها.
لكن العراق وبعد نصره على المد الداعشي في عام ٢٠١٧ اصبح يمتلك عناصر قوة داخلية، كالحشد الشعبي والوعي الجماهيري العميق، الامر الذي منحه حصانة داخلية واضحة.
و بعد تجاوز التحديات الامنية الداخلية وتجاوز الازمات السياسية التي اعقبت انتخابات ٢٠١٨، بات العراق الان يتمتع بحكومة تحظى بشرعية غير مسبوقة مصحوبة برضا وقبول شعبي واضح.
فقبل اسبوع يكون قد مرّ على عام كامل على حكومة السيد محمد شياع السوداني، التي نجحت في تكريس وتعميق الانسجام الداخلي، كما نجحت في استعادة العراق لمكانته في خارطة التوازنات الاقليمية والدولية.
و يسجّل المراقبون بأن العراق في ظل قيادة السوداني بات يلعب دورا محورياً ومؤثرا في قضايا المنطقة.
فمنذ الايام الاولى لتوليه لمهامه، طرح السوداني مفهومين في سياق رؤيته للسياسة الخارجية ضمن برنامجه الحكومي:
-الدبلوماسية المنتجة.
-تشبيك المصالح الاقتصادية.
فالسوداني الذي خبر العمل التنفيذي والتشريعي منذ ٢٠٠٣ يدرك جيدا اهمية السباق مع الوقت، واهمية التركيز على الاهداف بشكل علمي ومنهجي.
لذا وبحسب المعنيين بالشأن العراقي، فإن السوداني وحكومته سجلا نجاحات واضحة على صعيد السياسة الداخلية والخارجية.
لقد طرح السوداني في القمم العربية مبادرة تشبيك المصالح الاقتصادية لدول المنطقة بهدف ابعادها عن تدخل القوى الخارجية.
ومن هنا تبنّى السوداني مشروعا تنمويا واعد اطلق عليه “طريق التنمية”، الذي من شأنه تحويل العراق الى شبكة تربط الشرق بالغرب والجنوب بالشمال، ودعا دول المنطقة للمشاركة الفاعلة في تنفيذه.
هذا النزوع العراقي الجديد للعب دور محوري في المنطقة، تجلّى بشكل واضح في الوساطة العراقية التي قادها السيد محمد شياع السوداني بين الجمهورية الاسلامية والمملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية.
كما تجلّى هذا الدور الاقليمي الفاعل، بالمواقف المبدئية التي اعلنها رئيس الوزراء العراقي من عمليات “طوفان الاقصى”، والدعم الواضح والصريح للشعب الفلسطيني وقضيته، ووقوف العراق الى جانب مقاومة اهل غزة في مواجهة الاحتلال والعدوان الصهيوني.
ولاحقا سمع العالم موقف العراق المبدئي من الحق الفلسطيني التاريخي على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال قمة القاهرة التي عقدت في ٢٢ اكتوبر الماضي، اذ قدم السوداني خطاباً مثّل مفاجأة تاريخية في القمم العربية لاسيما مع تأكيده على “عدم حق اي جهة ان تحدد مصير الشعب الفلسطيني”.
وفي هذا المسار، حطّ رئيس الوزراء العراقي رحاله في طهران والتقى قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي ورئيس الجمهورية السيد ابراهيم رئيسي، مكررا مواقف العراق الصريحة من ادانة العدوان الصهيوني والوقوف مع الشعب الفلسطيني وادانة النفاق الدولي والغربي في هذه الحرب الظالمة التي تشنّ ضد المدنيين في قطاع غزة.
وجاءت زيارة السوداني الى الجمهورية الاسلامية لتعزيز دور العراق الذي عبّر عنه الامام الخامنئي بأنه “خط جديد” يمكن للعراق الايفاء به في العالمين العربي والاسلامي نظرا لدوره الخاص والمؤثر.
وفي ظل التفرّج او التواطؤ الذي يطبع المواقف العربية، يبرز دور العراق بقيادة السوداني واضحا وصريحا في ادانة العدوان الصهيوني، ومطالبة اميركا والغرب بإيقاف دعمه السياسي والعسكري له.
الى جانب ذلك، يطرح العراق نفسه لاعبا ومؤثرا محوريا في قضايا المنطقة التي تعاني من ارتدادات الحرب الصهيونية الظالمة ضد ابناء غزة والضفة الغربية.
وكما قال قائد الثورة الاسلامية، فإن المنطقة بحاجة لدور جديد ومؤثر يلعبه العراق بتاريخه وعمقه العربي والاسلامي، وبمرجعياته الدينية وقواه السياسية الاصيلة.
المصدر: صحيفة الوفاق الإيرانية