خوفاً من "تهديدات" الاحتياطي الفدرالي.. الدولار "سيختفي" من الأسواق العراقية العام المقبل وسط "قلق" متصاعد
تهديدات الاحتياطي الفدرالي الامريكية أتت عقب إصداره عقوبات سابقة خلال شهر تموز الماضي، طالت اربع عشر مصرفا عراقيا من اصل 72 مصرف رسمي، ما يمثل ثلث المصارف المحلية، تلك العقوبات تركت اثرها على الاقتصاد العراقي من خلال رفع أسعار السلع المحلية والتي قادت بشكل مباشر الى "سخط" شعبي، بحسب ذا ناشيونال نيوز.
أولى الردود المباشرة على التهديدات الامريكية صدرت عن محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن العلاق في الخامس عشر من سبتمبر الماضي، معلنا اتخاذ "إجراءات جديدة" لتنفيذ الشروط الامريكية بمنع تهريب الدولار، وما قاد اليه بشكل مباشر من انخفاض في قيمة الدينار العراقي.
العلاق اعلن رسميا ان البنك المركزي العراقي سيبدا من العام المقبل 2024، بمنع كافة اشكال التداول المحلي بالدولار الأمريكي، حصرها بالدينار العراقي، والسماح للمسافرين فقط بالحصول على العملة الامريكية، خطوات وصفتها صحيفة ذا كرايدل الامريكية بانها "تامل" بتخفيض نسب التضخم التي يعاني منها الان الدينار العراقي، ورفع قيمته امام الدولار من خلال الحد من عمليات التهريب المستشرية داخل البلاد، بحسب وصفها.
لكن تلك الإجراءات بحسب وصف الصحيفة، ستؤدي بشكل مباشر الى "مزيد من الاحمال" على السوق العراقي واقتصاده الذي ما يزال بحسب وصفها "يعاني" من تبعات الازمات المالية السابقة واخرها ازمة السيولة المالية التي وقعت في ديسمبر من العام 2020 الماضي، والتي رفعت من قيمة الدولار امام الدينار العراقي لنحو 1470 دينار مقابل الدولار الواحد.
هذا العام، بلغت نسبة صرف الدينار العراقي امام الدولار نحو 1540 بمزيد من الارتفاع عن عام 2020 وازمته المالية، الامر الذي قالت ذا ناشيونال نيوز انه وضع الدينار العراقي امام مزيد من الاخطار بالنظر الى استمرار التهديدات الامريكية بالعقوبات وتراجع قيمته امام الدولار على الرغم من وضع الحكومة العراقية سعر صرف رسمي بلغ 1300 دينار مقابل الدولار الواحد من خلال مزادها للعملة الذي بدات العمل به منذ العام 2004 وحتى اليوم، كمحاولة للسيطرة على أسعار الدولار المحلية.
الإجراءات الجديدة.. تعامل بعملات "بديلة" ولا وجود للدولار محليا
بحسب تصريحات العلاق لوسائل الاعلام الأجنبية ومنها بلومبيرغ، فان العام القادم سيشهد "منعا كاملا" لاستخدام الدولار الأمريكي في كافة التعاملات المحلية الخاصة والعامة، ينطبق ذلك على الافراد والشركات العاملة في القطاعين العام والخاص، يستثنى من ذلك الافراد الراغبين بالسفر الى خارج العراق والذين سيحصلون على مبالغ مالية من الدولار محددة مسبقا من البنك المركزي العراقي.
محافظ البنك المركزي اكد أيضا ان معظم "رجال الاعمال" داخل العراق انضموا مسبقا الى القنوات الرسمية لمنح الدولار وبالمبلغ الرسمي المحدد من البنك والبالغ 1320 دينار مقابل الدولار الواحد"، على الرغم من تحديد الموازنة العراقية للاعوام 2023، 2024، 2025 سعر صرف الدينار امام الدولار بمبلغ 1320 فقط.
وبحسب ذا ناشيونال نيوز، فان البنك المركزي العراقي يخطط أيضا لاستخدام عملات أخرى في التعاملات الخارجية العراقية ومنها عمليات الاستيراد والتصدير، من بين تلك العملات، اليورو الأوروبي، الدرهم الاماراتي، الليرة التركية والروبيه الهندي، هذه الخطط تاتي ضمن تحركات البنك المركزي لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في التعاملات العراقية الخارجية عقب المشاكل التي واجهت البنك في سداد المستحقات الإيرانية عن استيراد الغاز خلال الأعوام السابقة.
الدولار الأمريكي سيكون "غائبا" عن السوق العراقي بشكل كامل في حال تم تطبيق إجراءات البنك المركزي العراقي بحسب الشبكة، التي قالت ان تلك التحركات وعلى الرغم من انها "تامل الى تثبيت سعر الصرف وتحقيق استقرار للدينار امام الدولار"، قد تعود بــ "نتيجة عكسية" في حال فقدان الدولار داخل الأسواق المحلية العراقية، الامر الذي سيؤدي الى زيادة كبيرة في الطلب عليه مقابل شحة عرضه، وبالتالي رفع أسعاره الى مستويات كبيرة للسوق المحلي، امر يامل البنك المركزي العراقي بتفاديه من خلال "تشديده" الإجراءات المانعة، بالإضافة الى الاعتماد كليا على الدينار العراقي داخليا، والعملات البديلة خارجيا.
محافظ البنك اعلن ردا على القلق من تحقق السيناريو السلبي بان الإجراءات التي سيتم اتخاذها العام القادم ضمن "النظام الجديد" ستؤدي الى "حماية كافة الأطراف وعمليات التبادل المالي"، مشددا "هذه العمليات مقبولة دوليا، وتتلاءم بشكل كامل مع القوانين الاقتصادية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب" في إشارة الى العقوبات الامريكية.
بحسب بلومبيرغ أيضا، فان العلاق اكد ان البنك المركزي العراقي سيوقف "كافة اعمال المعاملات المالية" الصادرة عنه، ويكلف بها المصارف الخاصة المحلية بشكل كامل بهدف "التفرغ بشكل كامل لــ "المراقبة والمتابعة" فقط، بحسب وصفه، الامر الذي سيضع الدولار المسموح بتداوله داخل العراق تحت تصرف المصارف المحلية التي تضع واشنطن خطوط اعتراض على عملها، مما قد يؤدي أيضا الى "نتيجة عكسية" بحسب الشبكة في حال لم تلتزم تلك المصارف بقيود البنك المركزي والشروط الامريكية.
وسط "السخط الشعبي".. واشنطن تلك "اليد الطولى" على الاقتصاد العراقي
إجراءات وتحركات البنك المركزي العراقي الجديدة بالإضافة الى الازمات التي تعرض لها الدينار العراقي خلال الفترة الماضية، والتوجه نحو مزيد من القيود على الدولار محليا، دفع النقاد الى اعلان الاقتصاد العراقي "رهينة" لدى واشنطن بحسب وصف ذا كرايدل، خصوصا مع قدرتها الكبيرة على اتخاذ إجراءات ضد المصارف العراقية.
تلك الانتقادات انطلقت من استمرار سيطرة الاحتياطي الفدرالي الأمريكي على خزين العراق من الدولار الذي يحصل عليه عبر تجارة النفط، حيث اكدت الصحيفة ان العراق ومنذ العام 2003 والغزو "غير القانوني" للبلاد، يقوم بايداع وارداته النفطية في حساب خاص بالبنك المركزي العراقي داخل الاحتياطي الفدرالي الأمريكي.
سيطرة الاحتياطي الفدرالي الأمريكي على الحساب الرسمي لعائدات النفط العراقية والتي يصل احتياطها لنحو 100 مليار دولار، قالت الصحيفة انه منح واشنطن "اليد الطولى" على الاقتصاد العراقي، خصوصا وان واشنطن ما تزال تمنع الحكومة العراقية من افتتاح أي حسابات مصرفية أخرى خارجية أخرى لصالحها، وتحسرها بشكل كامل في الولايات المتحدة واحتياطيها الفدرالي فقط.
الصحيفة حذرت السلطات العراقية من ان تقع ضحية للاحتياطي الفدرالي الأمريكي، مؤكدة "قبل عامين اقدم الفدرالي الأمريكي على منع أفغانستان من الوصول الى خزينها من الدولار في حسابها الرسمي داخل الاحتياطي الأمريكي، الامر الذي أدى بافغانستان الى الوقوع في ازمة اقتصادية غير مسبوقة"، بحسب وصفها، مشددة على ان العراق ما يزال تحت ذات الخطر في حال لم يتحرك بشكل عاجل لفتح حساب خارجي اخر يحصل عبره على عائداته النفطية.
الإجراءات الامريكية ومنها العقوبات والتهديدات على القطاع المصرفي العراقي، أدت بشكل مباشر الى "ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات المحلية" بحسب الصحيفة، الامر الذي قاد الى "سخط شعبي كبير" بحسب وصفها، متوقعة ان يزداد السخط الجماهيري خلال العام المقبل مع دخول إجراءات البنك المركزي العراقي حيز التنفيذ ومنع تداول الدولار محليا.
هذه التحذيرات اكدتها تحركات البنك المركزي العراقي الذي قام خلال الفترة الماضية باخذ "تعهدات خطية" من التجار والاعمال المحليين تمنعهم خلالها من التعامل بالدولار الأمريكي وحسر كافة التعاملات المحلية بالدينار العراقي بحسب الصحيفة، التي اكدت أيضا ان تدهور قيمة الدينار العراقي امام الدولار الأمريكي ساهمت مسبقا برفع سقف الأسعار المحلية.
حتى اللحظة، لا تزال تبعات الإجراءات الشديدة التي اتخذها البنك المركزي العراقي غير واضحة المعالم خصوصا مع التذبذب الكبير في سعر صرف الدينار امام الدولار رغم توفره محليا، ليترك الان الاقتصاد العراقي وبالتالي المواطن الذي "تاثرت طبقاته الأضعف اقتصاديا بالضرر الأكبر"، بحسب وصف الصحيفة تحت رحمة الإدارة الامريكية التي يبدوا هدفها الوحيد الان "قطع تمويل الدولار" عن ايران ولبنان دون الاخذ بنظر الاعتبار التبعات السلبية على الاقتصاد العراقي، والمواطن الذي اصبح الحلقة الأضعف بحسب وصفها، في معادلة الضغط والمرونة بين البنك المركزي العراقي.. وواشنطن.
كلمات مفتاحية
- العراق
- بغداد
- البنك الاحتياطي الفدرالي
- اسعار الدولار العالمية
- اسعار العملات بالعراق
- ايران
- البنك المركزي العراقي