تداعيات حرب غزة... إسرائيل تقصف البعثة الدبلوماسية الإيرانية وسط توقعات بتصعيد عسكري يشعل المنطقة
الأمر الذي أدى إلى مقتل سبعة مستشارين من الحرس الثوري الإيراني، العميد محمد رضا زاهدي المكنى باسم (أبو مهدي)، أحد كبار قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ومساعده الخاص العميد حاجي رحيمي.
الاستهداف ليس الأول منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" بين حماس واسرائيل بالسابع من أكتوبر من العام الماضي، حيث سبقه استهدافات كثيرة لتجمعات واغتيالات دقيقة لشخصيات إيرانية من الحرس الثوري و حماس والمقاومة اللبنانية والفصائل العراقية، في سوريا ولبنان والعراق واليمن وفلسطين.
ولكن هذا الإستهداف يعتبر الأول من نوعه على صعيد استهداف مقرات البعثات الدبلوماسية الرسمية التي تخضع بتعاملاتها لإتفاقيات دولية منها اتفاقية فيينا، حيث سيفتح هذا الإستهداف صفحة جديدة من الصراع بين إيران وإسرائيل على بلدان و محاور متعددة.
إسرائيل أعلنت أن وزير دفاعها ورئيس أركان جيشها أشرفا شخصياً وبدقة على عملية الإستهداف للقنصلية الإيرانية بدمشق، وهذا ما يدل على أهمية وحساسية الشخصيات الإيرانية المقصودة بالإغتيال واهمية العبور لمرحلة جديدة من قواعد الإشتباك، و تأثيرها على قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق أي تقدم فعلي و انتصارات في الحرب الدائرة بقطاع غزة مع حماس، سواء على صعيد تحرير الأسرى الإسرائيليين، أو القضاء على قيادات حركة حماس في داخل غزة، حيث لم يحقق الجيش الإسرائيلي إلى الآن سوى المزيد من الدمار وقتل المدنيين وتهجير الفلسطيين وحصارهم وتجويعهم، ما عدا المستوطنين الإسرائيليين اللذين نزحوا من شمال فلسطين المحتلة من المستوطنان على الحدود مع لبنان اثر ضربات حزب الله اللبناني، وأصبحوا يشكلون عبئاً جديداً على حكومة نتياهو التي تواجه مظاهرات تطالب بإسقاطها وإجراء انتخابات مبكرة، إضافة لقضية الأسرى و استنذاف الجيش الإسرائيلي والتجنيد الإجباري والأزمات الإقتصادية التي تعصف بإسرائيل. هذه الأسباب جميعها دفعت اسرائيل لتهاجم بشكل شرس وتخرق جميع خطوط الإشتباك الثابتة منذ سنوات مع إيران، وهذا ما أكدته أيضاً الصحافه الإيرانية قبل فترة، حيث ذكرت بحسب مصادر، أن الضربات الاسرائيلية هي بالواقع انتقام من "الهجوم الايراني" على الداخل الإسرائيلي بسبعة أكتوبر.
أما على صعيد الرد الدبلوماسي الإيراني فقد توعدت طهران على لسان المتحدث باسم خارجيتها ناصر كنعاني بالرد على إسرائيل في المكان والزمان المناسبين، وأعتبرت أنه يجب محاسبة واشنطن اثر الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في سوريا باعتباره الحامي الأكبر لتل أبيب. واستدعت إيران القائم بأعمال السفارة السويسرية لديها و سلمته رسالة إلى أمريكا بسبب الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها في دمشق، فيما اعتبر مجلس الأمن القومي الإيراني (أعلى هيئة أمنية في البلاد)، اليوم الثلاثاء، أن عقاب إسرائيل بعد جريمة استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة دمشق "أمر جاهز".
ونشرت وكالة أنباء "نور نيوز" المقربة من المجلس الأمن القومي الإيراني تغريدة جاء بها: "لقد قام النظام الصهيوني بمقامرة خطيرة بمهاجمة القنصلية الإيرانية في دمشق وقتله المستشارين العسكريين لبلادنا".
وأضافت الوكالة:"وجود دافع كبير للانتقام في إيران وموجة الإدانة لهذا العمل من قبل مختلف الدول يدل على أن كل شيء للعقاب القاسي من الحكام الأشرار، وإسرائيل جاهز".
بينما طالبت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة ،اليوم الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي بضرورة عقد جلسة عاجلة وطارئة لمناقشة العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق باعتبارها مقر دبلوماسي محمي باتفاقية فيينا لحماية المقار الدبوماسية.
أما على صعيد الرد العسكري الإيراني، فمن المعروف عن الإيرانيين أنهم يتصرفون "بدم بارد وبخطوات هادئة ومدروسة"، ويردون باستهدافات بمواقع دقيقة، وهذا ما حصل عند الرد على اغتيال اسرائيل للمستشار والقائد الإيراني السيد رضي في دمشق سابقا، و الشخصيات الهامة الأخرى في الحرس الثوري، حيث يعتبر هذا "البرود والدقة" في اختيار الأهداف للرد، نوع من إدارة الحرب مع إسرائيل، والذي يؤكد ذلك أن إيران لم تغيّر سياساتها في سوريا سابقا و ما زال الدعم الإيراني لما يسمى "محور المقاومة" في مواجهة اسرائيل متواصل إلى الآن على جميع الأصعدة، و الضربات الاسرائيليه لم تعطل الأهداف الإيرانيه ولم تغير سياستها المتبعة منذ انتصار ثورتها الإسلامية.
و أعلنت مصادر عسكرية إيرانية، أن القوة الجو-فضائية في الحرس الثوري رفعت حالة الإستعداد والتأهب للدرجة القصوى للرد على ضربة دمشق.
و تأتي التطورات بعد ما أعلنت
الفصائل المسلحة العراقية القيام بعمليات استهداف"إنتقاما لأهل غزة" بحسب تعبيرها، تجسد باستهداف القواعد الأمريكية والإسرائيلية في الأراضي السورية والعراقية، وحتى عمق اسرائيل حيث استهدفت بسلاح الطيران المسيّر ميناء إيلات الإستراتيجي بعمق اسرائيل قبل أيام، وهو ما يعتبر تطوراً نوعياً جديداً بدأت تستخدمه الفصائل العراقية ضد تل أبيب.
و تبقى الساعات والأيام القادمة كفيلة بالكشف عن الرد الإيراني على هذا الإستهداف الكبير بدمشق، وحرب الكر والفر مع إسرائيل على الساحات الدولية والإقليمية.