بينما تتصاعد حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، تبرز مخاوف عراقية من أن تتحول البلاد إلى ساحة صراع أو منطلق لهجمات قد تُشعل المنطقة.

تصريحات جديدة صدرت عن مسؤولين وقيادات عراقية تكشف حجم الترقب والقلق، وتضع خريطة أولية للمواقف الرسمية والسياسية والشعبية في حال اندلاع الحرب، في وقت تسعى فيه بغداد إلى تجنيب نفسها خطر الانخراط في صراع لا تملك السيطرة عليه.

- تحذير كردي: الحرب المحتملة خطيرة والدبلوماسية ضرورة

القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، محما خليل، وصف في تصريح لـ"المطلع" احتمالات اندلاع الحرب بأنها "كبيرة وخطيرة"، مشيدًا بالدور الذي تلعبه الدبلوماسية العراقية في الوقت الراهن لتفادي انزلاق البلاد نحو مواجهة كارثية.
وأكد خليل أن: "إقليم كردستان سيكون له موقف دبلوماسي مستقل عبر قياداته لتفادي آثار الحرب المحتملة، وتجنب الخسائر البشرية والمادية.

- تحذير برلماني: حرب مدمرة تهدد الأرض بأكملها
من جهته، أطلق عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية محمد الشمري تحذيرًا شديد اللهجة من احتمال اندلاع "حرب مدمرة" بين أمريكا وإيران، مؤكدًا أن انعكاسات هذا الصراع لن تقتصر على العراق، بل ستهدد الكرة الأرضية بأكملها.
وقال الشمري للمطلع، إن: "نتائج الحرب ستكون وخيمة ومدمرة، معربًا عن أمله في ألا تحدث الحرب أصلًا، في إشارة إلى حجم التهديد الذي قد يواجهه العراق والمنطقة في حال فشل المسار الدبلوماسي.

- رسالة حكومية حاسمة: العراق ليس منطلقاً للحرب
عضو الهيئة العامة لحركة الصادقون، أحمد عدنان، كشف في تصريحه للمطلع، عن رسالة رسمية بعثها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى دولتي قطر وتركيا، قبيل بدء المفاوضات بين واشنطن وطهران.
فحوى الرسالة – بحسب عدنان – هو أن الفصائل العراقية المسلحة لن تلتزم الصمت في حال استخدام الأجواء العراقية في الحرب بين أمريكا وإيران، مضيفًا أن موقف تلك الفصائل سيختلف إذا لم يُستخدم العراق كمنطلق للعدوان.
هذا الموقف يضع الحكومة العراقية في موقع دقيق بين ضبط المواقف الداخلية والحفاظ على علاقات خارجية متوازنة.

- سياق إقليمي معقد: العراق في قلب التوترات
التصريحات الثلاثة تعكس حقيقة جيوسياسية حرجة يمر بها العراق، فهو محاط بمحورين متنازعين، وله تاريخ من التدخلات والصراعات التي جعلته يدفع ثمن الأزمات الإقليمية.
ومع اقتراب المنطقة من احتمالات تصعيد حقيقي، فإن العراق، بكل أطيافه السياسية والمجتمعية، يبعث برسائل واضحة: لا للحرب على أرضه، ولا لصمته في حال خرق سيادته.

-الحذر واجب والموقف العراقي تحت الاختبار
وسط هذه التحديات، يبدو أن العراق يحاول التوازن على خيط رفيع بين التهديدات والتطمينات، بين تحالفات سياسية وبين مصالحه الوطنية. 
فالمواقف التي أُعلنت تعكس حرصًا وطنيًا عامًا على تجنيب البلاد ويلات الحروب، لكنها أيضًا تكشف عن جهوزية للرد والدفاع عن السيادة.
و يبقى مستقبل العراق في هذا السياق مرهونًا بما ستسفر عنه المفاوضات الإقليمية والدولية، ولكن الرسالة الواضحة حتى الآن: "العراق لا يريد الحرب، لكنه لن يكون ممرًا لها إن فُرضت عليه".

و في الآونة الأخيرة، صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته تجاه إيران، محذرًا من توجيه ضربة عسكرية بعد فرض عقوبات اقتصادية صارمة، إذا لم تستجب طهران للعودة إلى اتفاق نووي جديد بشروط أمريكية أكثر صرامة. 
كما كشفت تقارير أن ترامب يدرس بالتنسيق مع إسرائيل توجيه ضربات استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك بهدف منع طهران من الوصول إلى مرحلة تصنيع سلاح نووي. 
هذه التصريحات أثارت توترًا جديدًا في المنطقة، خاصةً في ظل تحركات دبلوماسية جارية لإحياء المحادثات النووية.
في المقابل، ردت إيران بلهجة حادة، مؤكدة أنها ستدافع عن سيادتها بكل الوسائل المتاحة، وأن لغة التهديد لن تجبرها على التراجع عن حقوقها النووية. 
كما طالبت طهران بضمانات دولية تمنع أي انسحاب أمريكي من أي اتفاق مستقبلي، كما حصل في عام 2018 عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
ويأتي ذلك في وقت تجري فيه مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن، بدأت يوم السبت الماضي بجولة في مسقط، ومن المتوقع أن تُستكمل غداً في روما، وسط ترقب دولي لمسار هذه الأزمة المتجددة.