قال القيادي في التيار الصدري، الشيخ صلاح العبيدي، إن الشهيد محمد محمد صادق الصدر كان يتوقع منذ عام 1998 أن التغيير في العراق بعد سقوط النظام سيكون بأيادٍ "أمريكية شيعية"، معتبراً أن هذا التغيير سيجلب وبالًا أكبر على البلاد. 

وأوضح أن الشهيد الصدر تألم من سيناريو إسقاط النظام عبر غزو أمريكي بالتعاون مع تيارات شيعية، مشيراً إلى أن النظام السابق، حين أصبح تحت المنظار الدولي في التسعينات، قرر اغتياله بدلاً من إعدامه لتجنب الضغوط.

وأضاف العبيدي أن على الحكومة الحالية الاعتذار لعائلة الشهيد الصدر قبل الحديث عن تقديم قتلته إلى العدالة، لافتاً إلى أن القتلة أفلتوا من العقاب لعقود. وانتقد بشدة من وصفهم بـ"المتاجرين بدم الشهيد الأول" في ظل رفض ابنه لتولي رئاسة الوزراء، واصفاً ذلك بالأمر المعيب.

وأشار إلى أن الشهيد الصدر كان يدرك أنه ذاهب نحو الشهادة حتى قبل صعوده منبر صلاة الجمعة، التي اعتبرها "درة التاج" في مشروع الصدر الديني والاجتماعي، مؤكداً أن هذه الصلاة ساهمت بشكل مباشر في خفض معدلات الجريمة من 300 إلى 20 جريمة يومياً. كما أشار إلى أن الصدر تفرّد ببدء خطبة الجمعة بالدعاء، وحرص على تحويل المجتمع من انفعالي إلى تفاعلي، سواء عبر صلاة الجمعة أو عبر مشاركته في الزيارة الأربعينية التي أعطاها بُعداً تفاعلياً واجتماعياً جديداً.

وتحدث العبيدي عن خصوصية العلاقة داخل بيت الشهيد الصدر، مبيناً أن أبناءه كانوا يرونه "ولياً واجب الطاعة" لا مجرد أب، وأن السيد مؤمل ارتدى العمامة بطلب من والده بعد تهديدات وصلته في الأشهر الأخيرة قبل استشهاده. 

كما تطرق إلى السيد مصطفى الصدر الذي تعرّض، حسب قوله، لحملات تشويه وظُلم مرتين، وتحمل مسؤولية التعامل مع الدوائر الأمنية لتسيير شؤون الحوزة، ما جعله عرضة للضغوط.

وأكد العبيدي أن الشهيد الصدر لم يسعَ إلى أي مكاسب دنيوية، فلم يسجل أي ملف حقوق لدى مؤسسة الشهداء، وكان يرى أن المطالبة بالتعويض بعد التضحية والجهاد أمر باطل، وكان يستحي من الله أن يطلب شفاءه. وشدد على أن الصدر اعتبر المعيار الديني للعمل السياسي هو أن تكون مضحياً لا مستفيداً، وأنه وصف السياسة بأنها "بلا قلب، أي بلا أخلاق ولا دين"، ورفض الفهم الساذج القائم على الفصل بين الدين والسياسة.

كما أشار العبيدي إلى البعد الفكري العميق لمشروع الصدر، مبيناً أنه لم يكتفِ بالفقه التقليدي بل انطلق إلى أفق معرفي غير مطروق، فأسس نظرية مغايرة لولاية الفقيه، وقدم مشاريع فكرية كـ"ما وراء الفقه" والموسوعة المهدوية، وسعى للدفاع عن القرآن وكأنه يرى مسبقاً صراع هذا العصر مع الإلحاد. وأضاف أن الشهيد الصدر استبق الأسئلة وقدم لها الأجوبة، بل أجاب مرة عن عدم ذهابه للحج بأنه غير مستطيع شرعاً.

وختم العبيدي حديثه بالقول إن خطاب الصدر لم يكن خطاب عالم لجمهور من الأتباع، بل كان خطاباً يخاطب وجدان الأمة، ولهذا وصلت رسالته إلى فئات كثيرة، بينها الفنانون، ممن شعروا بأنهم منبوذون قبل أن يخاطبهم الشهيد الصدر، كما فعل الشاعر رحيم المالكي الذي التقاه وكتب بعدها قصيدته "ثم اهتديت".