المطلع
عاجل

post-image

لماذا يَفرُك الرئيس السيسي يديه فرحًا بهذا الغزل التركيّ المُتصاعد؟

الكاتب: ادارة الموقع


23:03 مقالات عامة
2021-03-14
748

لماذا يَفرُك الرئيس السيسي يديه فرحًا بهذا الغزل التركيّ المُتصاعد؟ وهل سيتخلّى أردوغان عن “الإخوان المسلمين” كثَمَنٍ للمُصالحة؟ ولماذا صمت عن اغتِيال خاشقجي وتضامن مع السعوديّة ضدّ هجمات الحوثيين؟ وما صحّة الأنباء عن تدخّله في حرب اليمن والتّوتّر مع إيران؟

لا بُدّ أنّ الرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي يَفرُك يديه فرحًا وهو يُتابع تَصاعُد منسوب الغزل التركيّ لمِصر، الدّولة والحُكومة، وعلى أعلى المُستويات في الحُكومة التركيّة، وخاصّةً الدّوائر المُقرّبة جدًّا من الرئيس رجب طيّب أردوغان، ممّا يُنبِئ بقُرب عودة العُلاقات بين البلدين إلى صُورتها الطبيعيّة، خاصّةً أنّ دولة قطر الشّريك والحليف الأقوى لتركيا بادرت مُبكّرًا باستِئناف العُلاقات مع القاهرة، ويُوجد حاليًّا وفد من خارجيّتها في العاصمة المِصريّة لتسريع التّطبيع وطيّ صفحة الخِلافات.

الدكتور إبراهيم قالن، مُستشار أردوغان السّياسي، وصف مِصر بأنّها “قلب العالم العربيّ وعقله” في مُقابلةٍ مع وكالة أنباء الأناضول الرسميّة نشرتها اليوم الأربعاء، مُؤكّدًا استِعداد بلاده لفتح صفحة جديدة في عُلاقاتها مع مِصر وعدد من دول الخليج في إشارةٍ غير مُباشرة للمملكة العربيّة السعوديّة ودولة الإمارات.

السيّد عمر جليك، المُتحدّث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في حديثٍ للصّحافة اليوم أيضًا بقوله “هُناك أواصر قويّة للغاية مع الدّولة المِصريّة وشعبها، وبُدون شراكتنا التاريخيّة لا يُمكِن كتابة تاريخ المنطقة”.

السّبب “المُعلَن” لهذا الانقلاب في الموقف التركيّ تُجاه مِصر التي كان يَصِفها الرئيس أردوغان بالدولة الديكتاتوريّة، وحُكومتها بالانقِلابيّة العسكريّة، يعود إلى طرح مِصر مُناقصة للتّنقيب عن النّفط والغاز في مِياهها الإقليميّة شرق المتوسّط، وأخذت في الاعتِبار الحُدود “المشروعة” للجرف القارّي التركي (منطقة معروفة باسم ماردين 28)، وهي اللّفتة التي رحّب بها السيّد مولود جاويش أوغلو وزير الخارجيّة، وقال إنّها ستُؤدّي إلى فتح الباب لمُباحثات لترسيم الحُدود البحَريّة بين البلدين.

أمّا الأسباب غير المُعلَنة لهذا الغزَل فتعود إلى رغبة الرئيس أردوغان بكسر حالة العُزلة التي تعيشها بلاده في الشّرق الأوسط وأوروبا بحيث باتت مُحاطَةً بالأعداء من الجِهات الأربع، الأمر الذي انعكس سلبًا على اقتِصادها الذي يُسَجِّل حالات تَراجُع ملحوظ، وفشل الكثير من مُغامراتها العسكريّة في سورية (تغيير النّظام والصلاة في المسجد الاموي)، وليبيا تعزيز سيطرة حُكومة الوفاق الإسلاميّة على مُعظم أنحاء البِلاد وثرواتها النفطيّة، حيث تمخّض لقاء جنيف الذي تم تحت إشراف الأمم المتحدة وبدَعمٍ أمريكيّ من تشكيل مجلس رئاسي وحُكومة انتقاليّة تقوم بالتّحضير لانتِخابات عامّة نهاية هذا العام.

باختِصارٍ شديد يُريد الرئيس أردوغان العودة إلى سياسة “صفر مشاكل” مع الجيران مُجَدَّدًا التي كانت الأرضيّة الصُّلبة للقوّة الاقتصاديّة التي نقلت أنقرة إلى عُضويّة منظومة الدّول العِشرين الأقوى عالميًّا وبصُورةٍ “مُنقّحة”، ولكن بُدون مُهندِسي هذه السّياسة، الأوّل أحمد داوود أوغلو مُنظّرها، وعلي باباجان مُترجمها اقتصاديًّا، اللّذين انشَقّا عن الحزب الحاكم وأسّسا حِزبيهما الخاصّين “المُستقبل” و”التقدّم الديمقراطي”.

التّوتّر المكتوم في العُلاقات التركيّة الإيرانيّة، الذي انعكس في الخِلاف بين البلدين على أرضيّة التّدخّل العسكري التركي “النّاجح” والمُباشر في حرب “غرة باخ” في أذربيجان وإلقاء الرئيس التركي “قصيدة” أذريّة تُهَدِّد وحدة التّراب الإيراني، وظهر بشَكلٍ جليّ عندما استدعت طِهران السّفير التركي، واحتجّت رسميًّا على تدخّل بلاده عسكريًّا في سنجار شِمال العِراق ضدّ وحدات لحزب العمال الكردستاني، فهل يُريد الرئيس أردوغان التّهدئة مع مِصر توقّعًا لتصعيدٍ مُستقبليّ مع إيران خاصّةً أنّه عزّز عُلاقاته مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي على المُستويات كافّة؟ وهل سيكون الرّد الإيراني بدَعمِ الحركات الانفصاليّة الكُرديّة في تركيا إذا تصاعد هذا الخِلاف؟

كان لافتًا وفي الإطار نفسه أنّ الرئيس أردوغان يسعى حاليًّا لترميم عُلاقاته مع المملكة العربيّة السعوديّة، وانعكس هذا المسعى في خطوتين رئيسيّتين:

الأولى: صمت حُكومته المُطبِق على تطوّرات قضيّة اغتيال جمال خاشقجي وعدم التّعاطي كُلِّيًّا، سلبًا أو إيجابًا، مع تقرير المُخابرات الأمريكيّة الذي حمّل الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد المسؤوليّة عن إصدار الأوامر بتنفيذ هذه العمليّة وفرض الولايات المتحدة عُقوبات على أكثر من 76 مَسؤولًا سعوديًّا شاركوا فيها، مع الاحتِفاظ بالحق في فرض عُقوبات على الأمير بن سلمان نفسه.

الثّانية: مُسارَعة الحُكومة التركيّة في الإعراب عن تضامنها مع المملكة العربيّة السعوديّة إزاء الهجمات التي شنّتها حركة أنصار الله الحُوثيّة اليمنيّة بالصّواريخ والطّائرات المُسيّرة على مُنشآتٍ نفطيّة في الظّهران والدمام ورأس تنوره، وسط أنباء عن استِعدادها لإرسال معدّات عسكريُة، ومُقاتلين لدعم السعوديّة في حرب اليمن، وحزب الإصلاح الإخواني الذي يُقاتِل إلى جانب حُلفائها في مأرب.

لا نَعرِف طبيعة الرّد الرّسمي المِصري على هذا الغزل، والتّغيير المُفاجِئ والإيجابي في السّياسات التركيّة تُجاه القاهرة، وما إذا كانت ستنجح في فرض شُروطها بوقف أنقرة، وقطر بالتّالي، الدّعم الذي تُقَدِّمانه لحركة الإخوان المسلمين وأنشطتها السياسيّة والإعلاميّة انطِلاقًا من إسطنبول، فالمعلومات المُتوفُرة لدينا تُؤكّد أنّ هذا الشّرط المِصري وأيّ اتّفاق لتطبيقه، يجب أن يكون مكتوبًا ومُعَزّزًا بضماناتٍ مُلزمة للجانب التركي.

مصدر تركي يعرف الرئيس أردوغان جيّدًا، لعمله كأحد مُستشاريه، قال لنا إنُ هذا التّغيير في موقف الرئيس التركي تكتيكي مرحلي، وسيكون من الصّعب عليه التّخلّي عن حركة “الإخوان المسلمين”، وجماعات الإسلام السّياسي، وأضاف أمّا تدخّل أردوغان في اليمن فقد يكون محدودًا، وغير مُباشر (عبر مُرتزقة) لأنّه إذا حدَث فإنّه يَكسِر خُطوطًا حُمر مع إيران، مُضافًا إلى ذلك أنّ تجربة الإمبراطوريّة العُثمانيّة في اليمن كانَ عُنوانها الأبرز الهزائم الدمويّة.

الأيّام المُقبلة حافلةٌ بالمُفاجآت، والرئيس أردوغان لا يُمكِن أن يعيش يَومًا دُون فتح جبَهات عسكريّة وسياسيّة، ولكنّ الفوز في مُعظمها غير مضمون، خاصّةً في اليمن، والدّرس التّاريخي الأكبر الذي يَجِب أن يعيه الرئيس أردوغان أنّ جميع الامبراطوريّات انهارت لعدّة أسباب أبرزها فتح جبهات عديدة في الوَقتِ نفسه، وتفاقم الأزَمات والخِلافات في الدّاخل.. واللُه أعلم.

المصدر: رأي اليوم
الكاتب: عبد الباري عطوان

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة

تعليقات

أحدث الاخبار

بسبب تمرين.. إغلاق تعليق مطار أربيل لمدة ثلاث ساعات

بسبب تمرين.. إغلاق تعليق مطار أربيل لمدة ثلاث ساعات

2024-07-03 10:43 1
مكتبه: مسعود بارزاني يصل بغداد اليوم بزيارة رسمية

مكتبه: مسعود بارزاني يصل بغداد اليوم بزيارة رسمية

2024-07-03 10:40 3
لسرقتها ستمائة مليون دينار... السجن لأمين صندوق في زراعة الديوانية بالسجن 15 سنة

لسرقتها ستمائة مليون دينار... السجن لأمين صندوق في زراعة الديوانية بالسجن 15 سنة

2024-07-03 10:01 7
مانشستر سيتي الإنجليزي يضم لاعب برازيلي كأولى صفقاته الصيفية

مانشستر سيتي الإنجليزي يضم لاعب برازيلي كأولى صفقاته الصيفية

2024-07-03 09:56 8
الشركة العامة للكهرباء تعلن إضافة 120 ميغاواط في كركوك

الشركة العامة للكهرباء تعلن إضافة 120 ميغاواط في كركوك

2024-07-03 09:42 10
اختلاف بدرجات الحرارة... تعرفوا حالة الطقس خلال الأيام المقبلة بالعراق

اختلاف بدرجات الحرارة... تعرفوا حالة الطقس خلال الأيام المقبلة بالعراق

2024-07-03 09:32 11
عالمياً... النفط يرتفع بعد بيانات عن انخفاض في المخزونات الأمريكية

عالمياً... النفط يرتفع بعد بيانات عن انخفاض في المخزونات الأمريكية

2024-07-03 08:57 10
السوداني يرعى حفل تخرج ضباط الدورة 112 في الكلية العسكرية الأولى

السوداني يرعى حفل تخرج ضباط الدورة 112 في الكلية العسكرية الأولى

2024-07-03 08:22 15
فرنسا... انسحابات متبادلة للمرشحين لمنع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة

فرنسا... انسحابات متبادلة للمرشحين لمنع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة

2024-07-03 02:03 22
تأجيل الحكم على ترامب في قضية نجمة الأفلام الإباحية مقابل صمتها

تأجيل الحكم على ترامب في قضية نجمة الأفلام الإباحية مقابل صمتها

2024-07-03 01:44 17
كندا... علاج جيني ينقذ حياة طفل مصاب بمرض وراثي قاتل

كندا... علاج جيني ينقذ حياة طفل مصاب بمرض وراثي قاتل

2024-07-03 01:35 18
البيت الأبيض ينفي اصابة بايدن بالزهايمر أو أي شكل من أشكال الخرف

البيت الأبيض ينفي اصابة بايدن بالزهايمر أو أي شكل من أشكال الخرف

2024-07-03 01:33 19
تركيا تتغلب على النمسا بهدفين لتواجه هولندا في ربع نهائي بطولة أمم أوروبا

تركيا تتغلب على النمسا بهدفين لتواجه هولندا في ربع نهائي بطولة أمم أوروبا

2024-07-03 00:15 22
الفلك الدولي: العالم يترقب رؤية انفجار نجم في السماء بالعين المجردة

الفلك الدولي: العالم يترقب رؤية انفجار نجم في السماء بالعين المجردة

2024-07-02 23:58 19
السوداني: مجلس الوزراء وافق على استضافة طلاب عرب وأجانب بكلية الشرطة العراقية

السوداني: مجلس الوزراء وافق على استضافة طلاب عرب وأجانب بكلية الشرطة العراقية

2024-07-02 23:32 22
النقل تعلن عن تسجيل "17" هزة أرضية داخل العراق خلال شهر حزيران

النقل تعلن عن تسجيل "17" هزة أرضية داخل العراق خلال شهر حزيران

2024-07-02 23:29 19
الحوثيون: نفذنا عملية عسكرية مشتركة مع فصائل عراقية استهدفت هدفاُ حيوياً بحيفا

الحوثيون: نفذنا عملية عسكرية مشتركة مع فصائل عراقية استهدفت هدفاُ حيوياً بحيفا

2024-07-02 23:01 48
صحيفة: برشلونة رفض بيع السنغالي "ميكا فاي" لبورتو هذا الصيف

صحيفة: برشلونة رفض بيع السنغالي "ميكا فاي" لبورتو هذا الصيف

2024-07-02 22:48 21