المطلع
عاجل

post-image

لماذا دعا أردوغان إلى صياغة دستور جديد لتركيا؟

الكاتب: ادارة الموقع


23:02 مقالات عامة
2021-02-03
1105
لماذا دعا أردوغان إلى صياغة دستور جديد لتركيا؟..وألم تجلبه “دساتير الانقلابيين” إلى الحُكم بالنهاية؟.. هل تكفي “مُباركة” وزير العدل و”تأييد” حليفه باهتشلي لإجراء “التغييرات الدستوريّة” وما قول الشعب التركي فيها؟.. المُعارضة ترفض “دستور أردوغان الجديد” فكيف ستمنع مخاوف “نظام الرجل الواحد”؟

فيما تُطالِب المُعارضة التركيّة من الرئيس رجب طيّب أردوغان، التبكير في إجراء الانتخابات الرئاسيّة، والبرلمانيّة، والتي تجري بعد عامين حسب موعدها الرسمي، خرج الرئيس أردوغان بمُقترح غير مسبوق، يبدو أنه سيخلط أوراق خُصومه الذين وصل الأمر بالبعض بهم إلى تحذير الرئيس من انقلاب وإعدام، في حال لم يذهب للانتخابات المُبكّرة.

الرئيس أردوغان، والمُتمسّك بإجراء الانتخابات بموعدها 2023، كان قد أعلن أن الانتخابات باقية في موعدها، لكن جديده الذي كان بوقع المُفاجأة، هو إعلانه تأييد صياغة دستور جديد، وفي توقيتٍ لافت، حيث تعاني تركيا من أزمة اقتصاديّة، وأخرى سياسيّة مع مقدم الرئيس الأمريكي جو بايدن، وميله للأكراد وانفصالهم، ودعمهم سياسيّاً، وعسكريّاً.

الرئيس التركي الذي نجح بتحويل نظام بلاده من برلماني إلى رئاسي، باستفتاء شعبي، وكان الهدف منه توسيع صلاحيّات منصب الرئيس، قال إن هناك إمكانيّة لمُناقشة دستور جديد للبلاد في المرحلة المُقبلة، وأكّد أردوغان أن مشاكل تركيا نابعة من الدساتير النابعة من قبل الانقلابيين، مُنذ العام 1960، لكن هذه الدساتير التي اعتبرها أردوغان مشاكل لبلاده، جاءت به إلى الحُكم بشكلٍ أو بآخر، وهو الذي وصل للسلطة مُنذ العام 2003 كرئيس للوزراء، ورئيس مُنذ العام 2014، مثلما يقول خصومه وابرزهم حلفائه السابقين مثل احمد داوود اوغلو رئيس الوزراء السابق وعلي باباجان مهندس الثورة الاقتصادية والتنمية التركية.

ويبدو أنّ الرئيس أردوغان، لا يُريد أن يُقدم على خطوة صياغة الدستور وحيدًا، وبدا أنه ألقى بتصريحه هذا، بعد تشاور مع حليفه في تحالف الشعب “الحركة القوميّة”، وزعيمها دولت باهتشلي، حيث كانت له تصريحات مُؤيّدة لأردوغان، بعد أن تردّد عن وجود خلافات بينه، وبين أردوغان، على خلفيّة السماح ببقاء حزب كردي في البلاد، وعدم إغلاقه، وكان أردوغان قد صرّح مُسبقاً بأنه يُمكننا التحرّك من أجل إعداد دستور جديد “حال توصّلنا إلى تفاهم مع شريكنا بتحالف الشعب”، وحديثه هُنا عن دولت باهتشلي والحركة القوميّة.

الرئيس أردوغان بطبيعة الحال، يعمل على تدعيم تحالف الشعب، فانفراط عقد هذا التحالف، الذي كان هدّد به دولت باهتشلي، يعني بقاء حزب العدالة والتنمية الحاكم وحيدًا، أمام حُدوث انشقاقات داخله، وتشكّل تحالفات حزبيّة لمُنافسته، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري المُعارض، الذي ترفع أدبيّاته شعار بأنه الحزب الوحيد القادر على الإطاحة بأردوغان من السلطة، وفي دليل على تراجع شعبيّة الحزب الحاكم عن السابق، كان قد خسر الحزب الانتخابات البلديّة، وفي معقله، إسطنبول، وأنقرة العام 2019، وهي مُدنٌ لها سيطرة إسلاميّة مُنذ حواليّ رُبع قرن.

تدعيم تحالف الشعب، بدا أنه يسير في الاتجاه الصحيح، فزعيم الحركة القوميّة، أعلن صراحةً تأييد حزبه لمُقترح أردوغان، لإعداد دستور جديد للبلاد، وشدّد باهتشلي على أن بلاده بحاجة دستور جديد، وهو ما يعني أن هنالك توافق بين أردوغان، وباهتشلي، وبما يخدم مصلحة الطرفين أمام خصومهم المُعارضين.

قد تكون التساؤلات مطروحةً بعد مُقترح أردوغان، حول شكل هذا الدستور التركي الجديد، والأطراف التي سيكون لها الحق في “صياغته” من جديد، وما إذا كان هذا الدستور سيتناول توسيع صلاحيّات الرئاسة، ونظام الانتخابات المعمول به حاليّاً، خاصّةً وأنّ المُقترح يأتي في ظل تراجع شعبيّة العدالة والتنمية، والحال الاقتصادي المُتراجع، ورغبة أمريكيّة بمُعاداة أردوغان، فمُستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان  قال إن حصول تركيا على منظومة صواريخ “إس-400” للدفاع الجوي الروسي، يُقوّض تماسك حلف الناتو، فيما لا تزال العُقوبات الأمريكيّة على أنقرة بخصوص تلك المنظومة مفروضةً مُنذ ديسمبر الماضي، وهي خطوة أمريكيّة وصفتها تركيا بخطأ فادح.

وتلك كُلّها أسباب مُجتمعة، تستغلها الأحزاب المُعارضة لإجراء انتخابات مُبكّرة، وصفها إعلام أمريكي بالانتخابات المُعقّدة بالنسبة لأردوغان، وهو ما يُفسّر رغبة الأخير بتغيير دستور اعتبره فجأةً دستور انقلابيين، وسبب المشاكل لبلاده، ليبقى التساؤل هل سينحصر “إجراء التغييرات الدستوريّة” بتحالف الشعب، فحزب الحركة القوميّة المُتحالف مع حزب العدالة والتنمية (تحالف الشعب)، أكّد على لسان زعيمه باهتشلي أنه وتحالف الشعب، سيُؤدّي المسؤوليّات المُلقاة على عاتقه، من “مبدأ احتضان، وتوحيد الجميع”، فكيف سيكون تطبيق هذا الاحتضان للجميع، يتساءل مراقبون.

الرئيس أردوغان رمى قنبلته كما وصفها الإعلام التركي حول الدستور، وكان قد خاض بعُموميّات تطبيق خطوته هذه، قائلاً إن الوقت قد حان ربّما من أجل مُناقشة دستور جديد، وإن الحكومة ستبدأ “اتّخاذ الخطوات اللازمة في البرلمان بخصوص القضايا التشريعيّة، وفي الرئاسة بخُصوص القضايا الإداريّة، ومُشدّدًا أن تكون صياغة الدستور شفّافة، وأن يُعرض لتقدير الشعب، وعبارته الأخيرة تعني حُكماً أن الدستور الجديد سيخضع لاستفتاء شعبي، كان قد سبقه استفتاء نجح في تحويل النظام من برلماني لرئاسي، وخدم بنهاية المطاف توسيع صلاحيّات الرئيس، ألا وهو الرئيس الحالي رجب طيّب أردوغان.

خطوة أردوغان بخصوص صياغة الدستور الجديد، يبدو أنها لا تزال تسبح في مياه تحالفاته فقط، فعلى عكس تأييد حليفه باهتشلي، كان للمُعارضة التركيّة رأيٌ آخر بهذه الخطوة، التي نالت رفضاُ وتشكيكاً منها، فرئيس حزب التقدم والديمقراطيّة علي باباجان، كشف عن عمليّة تشاور وحوار مع الأحزاب السياسيّة الأخرى لتعزيز النظام البرلماني، ومُواجهة “دستور أردوغان الجديد”.

وتحدّث باباجان، عن خطوة أردوغان هذه، باعتبارها أمرا مُثيرا للتفكير، وتحديدًا بحسبه بعد اتّخاذهم أوّل خطوة، بعودة النظام البرلماني، والذي كان قد تحوّل إلى نظام رئاسي، وهو ما يشي وفقاً لتخوّفات المُعارضة، بأن يأتي الدستور الجديد تعزيزًا للنظام الرئاسي، وربّما إطالة أمد مُدّة حُكم الرئيس، وتحويله إلى نظام أبدي يُنهي حياة الرئيس السياسيّة بوفاته، كما في روسيا، والصين، ونظام الرجل الواحد كما تنتقد المُعارضة.

ومن غير المعلوم إذا كان التشاور والحوار بين أحزاب المُعارضة، واتّفاقهم كما أعلن باباجان، مع زعيم المُعارضة كمال كليتشدار أوغلو، ورئيسة حزب الخير ميرال أكشنار، ورئيس حزب المستقبل أحمد داوود أوغلو، على خطّة لمُواجهة “دستور أردوغان الجديد”، ستكون المانع والعائق لصياغة الدستور الجديد، فكلّما تقدّمت المُعارضة بخطوة، باغتها أردوغان بخطوة غير مسبوقة، لم تكن في حسبانها، كما أن صياغة الدستور الجديد، حظي بمُباركة وزير العدل عبد الحميد غول، واعتبر ذلك “بشرى سارّة” للجميع، أمّا حزب الشعب الجمهوري المُعارض فردّ نائب رئيسه محرم إركك قائلاً: “لقد أفلس النظام في عامين ونصف”، وتعهّد إركك بأن “تحالف الأمّة” سيُصلِح النظام المُعطّل، وهو ما يعني احتدام معركة سياسيّة تنافسيّة، يكون عُنوانها انتصار دستور أردوغان الجديد، من عدمه، وهي معركة قد تحسم باكرًا معركة انتخابات الرئاسة والبرلمان القادمة بعد عامين.


المصدر:“رأي اليوم”- الكاتب: خالد الجيوسي
 

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة

تعليقات

أحدث الاخبار

مانشستر سيتي الإنجليزي يضم لاعب برازيلي كأولى صفقاته الصيفية

مانشستر سيتي الإنجليزي يضم لاعب برازيلي كأولى صفقاته الصيفية

2024-07-03 09:56 6
الشركة العامة للكهرباء تعلن إضافة 120 ميغاواط في كركوك

الشركة العامة للكهرباء تعلن إضافة 120 ميغاواط في كركوك

2024-07-03 09:42 6
اختلاف بدرجات الحرارة... تعرفوا حالة الطقس خلال الأيام المقبلة بالعراق

اختلاف بدرجات الحرارة... تعرفوا حالة الطقس خلال الأيام المقبلة بالعراق

2024-07-03 09:32 9
عالمياً... النفط يرتفع بعد بيانات عن انخفاض في المخزونات الأمريكية

عالمياً... النفط يرتفع بعد بيانات عن انخفاض في المخزونات الأمريكية

2024-07-03 08:57 9
السوداني يرعى حفل تخرج ضباط الدورة 112 في الكلية العسكرية الأولى

السوداني يرعى حفل تخرج ضباط الدورة 112 في الكلية العسكرية الأولى

2024-07-03 08:22 14
فرنسا... انسحابات متبادلة للمرشحين لمنع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة

فرنسا... انسحابات متبادلة للمرشحين لمنع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة

2024-07-03 02:03 22
تأجيل الحكم على ترامب في قضية نجمة الأفلام الإباحية مقابل صمتها

تأجيل الحكم على ترامب في قضية نجمة الأفلام الإباحية مقابل صمتها

2024-07-03 01:44 17
كندا... علاج جيني ينقذ حياة طفل مصاب بمرض وراثي قاتل

كندا... علاج جيني ينقذ حياة طفل مصاب بمرض وراثي قاتل

2024-07-03 01:35 18
البيت الأبيض ينفي اصابة بايدن بالزهايمر أو أي شكل من أشكال الخرف

البيت الأبيض ينفي اصابة بايدن بالزهايمر أو أي شكل من أشكال الخرف

2024-07-03 01:33 19
تركيا تتغلب على النمسا بهدفين لتواجه هولندا في ربع نهائي بطولة أمم أوروبا

تركيا تتغلب على النمسا بهدفين لتواجه هولندا في ربع نهائي بطولة أمم أوروبا

2024-07-03 00:15 22
الفلك الدولي: العالم يترقب رؤية انفجار نجم في السماء بالعين المجردة

الفلك الدولي: العالم يترقب رؤية انفجار نجم في السماء بالعين المجردة

2024-07-02 23:58 19
السوداني: مجلس الوزراء وافق على استضافة طلاب عرب وأجانب بكلية الشرطة العراقية

السوداني: مجلس الوزراء وافق على استضافة طلاب عرب وأجانب بكلية الشرطة العراقية

2024-07-02 23:32 20
النقل تعلن عن تسجيل "17" هزة أرضية داخل العراق خلال شهر حزيران

النقل تعلن عن تسجيل "17" هزة أرضية داخل العراق خلال شهر حزيران

2024-07-02 23:29 19
الحوثيون: نفذنا عملية عسكرية مشتركة مع فصائل عراقية استهدفت هدفاُ حيوياً بحيفا

الحوثيون: نفذنا عملية عسكرية مشتركة مع فصائل عراقية استهدفت هدفاُ حيوياً بحيفا

2024-07-02 23:01 39
صحيفة: برشلونة رفض بيع السنغالي "ميكا فاي" لبورتو هذا الصيف

صحيفة: برشلونة رفض بيع السنغالي "ميكا فاي" لبورتو هذا الصيف

2024-07-02 22:48 20
خبراء: الفراولة تساعد بالحد من ظهور البثور وحب الشباب

خبراء: الفراولة تساعد بالحد من ظهور البثور وحب الشباب

2024-07-02 22:41 16
الكهرباء: وصول إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 27 ألف ميغاواط لأول مرة بالعراق

الكهرباء: وصول إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 27 ألف ميغاواط لأول مرة بالعراق

2024-07-02 22:36 21
موقع يوتيوب يطرح ميزات جديدة لفئة من المستخدمين... تعرف عليها

موقع يوتيوب يطرح ميزات جديدة لفئة من المستخدمين... تعرف عليها

2024-07-02 22:31 19