المطلع
عاجل

post-image

لماذا تتسارع خطوات المُصالحة التركيّة القطريّة المِصريّة هذه الأيّام بعد تعثّر؟

الكاتب: ادارة الموقع


03:04 مقالات عامة
2021-04-15
792
لماذا تتسارع خطوات المُصالحة التركيّة القطريّة المِصريّة هذه الأيّام بعد تعثّر؟ وكيف تدفع “حركة الإخوان” ثمنها؟ وأين سيذهب نُجوم أذرعها وقنواتها الإعلاميّة في إسطنبول بعد إغلاق برامجهم السياسيّة؟ وما هي الدّروس المُستفادة؟

عندما يتّصل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر بالرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي مُهنّئًا بقُدوم شهر رمضان المُبارك، وقبلها بيوم يُقدِم السيّد مولود جاويش أوغلو وزير خارجيّة تركيا بمُهاتفة نظيره المِصري سامح شكري لتهنئته بالمُناسبة نفسها، حسب نبأ بثّته وكالة الأناضول التركيّة الرسميّة، فهذا ربّما يعني نهاية مرحلة وبداية أخرى في المنطقة، مثلما يعني أنّ المُعارضة المِصريّة المُتمثّلة في حركة “الإخوان المسلمين” ستكون “كبش فداء” هذه المُصالحة بالنّظر إلى قرار السّلطات التركيّة الأخير بتقييد حركة وأنشطة المسؤولين فيها ولجم قنوات تابعة لهذه المُعارضة اتّخذت من إسطنبول مقرًّا لها طِوال السّنوات السّبع الماضية، لبث برامج سياسيّة انتقاديّة للأوضاع المِصريّة، والرئيس السيسي على وجه الخُصوص.

من الواضح أنّ القِيادتين، القطريّة والتركيّة، توصّلتا إلى قناعةٍ راسخة، بأنّ النّظام المِصري أكثر صلابةً ممّا يتصوّران، وأنّ الإطاحة به من خِلال الحملات الإعلاميّة لتحريض الشّارع المِصري، أمر غير مُمكن، ولهذا قرّرتا فتح صفحة جديدة في العُلاقات مع القاهرة، وتقديم مصالحهما، وشعبيهما، على أيّ مصالح أخرى، ومن مُنطلق براغماتي صرف، وهذا التحوّل غير مُفاجئ، خاصّةً في منطقة الشّرق الأوسط على أيّ حال.

أمير قطر بهذا التّقارب المُتسارع مع مِصر يُظهِر التزامًا قويًّا باتّفاق قمّة “العُلا” الخليجيّة الذي أنهى الحِصار الرّباعي لبلاده، أمّا الرئيس رجب طيّب أردوغان فبادر بفتح قنوات الحِوار على مُستوى أجهزة الاستِخبارات مع القاهرة، ردًّا على مُبادرةٍ مِصريّة بالاعتِراف بالجُرف القارّي التّركي في شرق البحر المتوسّط والحُدود المائيّة الرسميّة بين البلدين، ممّا يعني كسر العُزلة التركيّة وعودة التّنسيق حول الاستِغلال المُشترك للثّروات النفطيّة والغازيّة في المنطقة.

التلكّؤ التركي في تطبيق الاتّفاقات التي جرى التوصّل إليها بين الجانبين وأبرزها تسريع سحب المستشارين العسكريين والقوّات المُرتزقة التّابعة لتركيا في ليبيا، و”لجم” القنوات التّابعة لحركة الإخوان والمُموّلة مُعظمها من قطر، أوشك أن يُؤدّي إلى انهِيار هذه التّفاهمات، والانتِقال بالتّالي إلى الخطوة الأهم وهي تطبيع العُلاقات الدبلوماسيّة والسياسيّة وعودة السّفراء، ولكنّ الجانب التركي سارع بتنفيذ التِزاماته كاملةً، الأمر الذي سيُمَهِّد الطّريق لعقد اجتِماع مُوسّع في القاهرة قبل نهاية الشهر الحالي ليكون تتويجًا لعودة العُلاقات إلى وضعها الطّبيعي، ويبدو أنّ مُعظم، إن لم يكُن كُل العقبات التي كانت تحول دون تحقيق هذا الهدف قد أُزيلت، ومن غير المُستَبعد أنّ نرى طائرة السيّد مولود جاويش أوغلو وزير الخارجيّة التّركي تَحُط في مطار القاهرة وفي معيّته العديد من المُستشارين الأتراك في الأيّام القليلة القادمة.

إعلان الإعلاميّين معتز مطر ومحمد ناصر وقف برنامجيهما “النّاجحين” طِوال شهر رمضان، هو أبرز خطوة تركيّة لتَطبيق هذه الاتّهامات، وقال زميلهما عبد الله الشريف في تدوينةٍ على حسابه على “تويتر” إنّ قرارًا صدر بإغلاق البرنامجين السّياسيين، ووجّه العزاء لهُما، وعرض عليهما الانضِمام إلى قناته على “اليوتيوب”.

لا نعرف أين سيذهب السيّدين مطر وناصر، وماذا سيَحدُث بقناتيهما “الشرق” التي يُصدرها الدكتور أيمن نور، أو “مكملين”، والشّيء نفسه يُقال عن القناة الثالثة “وطن”، لكن قول الأوّل، أيّ معتز مطر، “إنّ بلاد الله واسعة” يُوحِي بأنّهما قد يتوجّهان إلى أحد الدّول الأوروبيّة إذا استَطاعا إلى ذلك سبيلا، ومُعاودة البث من هُناك بطَريقةٍ أو بأُخرى في حال توفّر التّمويل.

الدّرس الأبلغ الذي يُمكن استِخلاصه من كُل ما تقدّم هو أنّه لا يُمكن الاعتِماد على الأنظمة في المِنطقة كقاعدة آمنة ودائمة للمُعارضة، خاصّةً لدول كبيرة مِثل مِصر، تملك أوراق ضغط سياسيّة واقتصاديّة قويّة، ولا نَستبعِد أن تُواجِه المُعارضة السوريّة المُقيمة حاليًّا في تركيا، سياسيّةً كانت أو عسكريّةً، المصير نفسه في ما هو قادم من أيّام، ففي ظِل غِياب القضاء المُستقل، وحُريّات التّعبير الحقيقيّة، لا شَيء مُستَبعد هذه الأيّام.

تركيا التي كانت نموذجًا في التنمية الاقتصاديّة والعُلاقات القويّة مع دُول جِوارها، باتت تُواجِه حِصارًا اقتصاديًّا، وضُغوطًا أوروبيّة، بعد تدخّلاتها المُكلفة في سورية وليبيا واذربيحان وربما قريبا في أوكرانيا، وتلويح روسيا بوقف سُيّاحها (7 ملايين سائح سنويًّا) بسبب تقاربها مع كييف، ومُعارضتها لضمّ شبه جزيرة القرم ربّما يُؤدّي إلى تفاقهم الأزمة الاقتصاديّة التي تعيشها حاليًّا، والمزيد من الانخِفاض في سِعر اللّيرة، خاصّةً أنّ

قطر حليفها الأقوى لم تَعُد في وَضعٍ يُمكّنها من ضخ عشرات المِليارات كقروض واستِشمارات لإنعاش الاقتِصاد التّركي (30 مليارًا في عاميّ 2018 و2020) بسبب أعباء البُنى التحتيّة لكأس العالم، (150 مِليار دولار)، وتراجع أسعار النّفط والغاز (الدّين التّركي العام يَصِل إلى 460 مليار دولار).

الرئيس اردوغان أعلن عن خطواتٍ جديدة في ختام المُؤتمر العام لحزب العدالة التنمية قبل أسبوعين، أبرزها، الانفِتاح على دول الجِوار، وإعطاء دور أكبر للدّبلوماسيّة، ونأمَل أن تنطبق هذه القاعدة على الجار السّوريّ أيضًا، والتّدخّل العسكريّ التّركيّ فيها، مصدر الضّرر الأكبر لتركيا، وأحد أكبر حُروب الاستِنزاف لاقتِصادها.

خِتامًا نقول إنّ حُصول مِصر على هذه المكاسب السياسيّة الأمنيّة من خِلال المُصالحة مع كُل من تركيا وقطر أبرز خُصومها، يَجِب أن يتوازى مع تخفيف إجراءات القبضة الأمنيّة الحديديّة، وتبييض السّجون، ورفع سقف الحُريّات، وتحقيق المُصالحة الوطنيّة، خاصّةً أنّها تُواجِه تحدّيًا وجوديًّا يتَمثّل في تَصاعُد أخطار سدّ النّهضة الإثيوبي، الأمر الذي يتطلّب وقوف كُل المِصريين في خندق الدّولة المِصريّة.

مِصر قويّة، والشّعب المِصري يتَوحّد في مُعظمه خلف مُؤسّسته العسكريّة وقِيادته للحِفاظ على حُقوقه المائيّة الشرعيّة، حتّى لو تطوّرت الأُمور إلى المُواجهة العسكريّة.

المصدر: رأي اليوم

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة

تعليقات

أحدث الاخبار

لليوم الثالث… استمرار ارتفاع أسعار صرف الدولار في أسواق بغداد وأربيل

لليوم الثالث… استمرار ارتفاع أسعار صرف الدولار في أسواق بغداد وأربيل

2024-07-03 10:52 0
بسبب تمرين.. إغلاق تعليق مطار أربيل لمدة ثلاث ساعات

بسبب تمرين.. إغلاق تعليق مطار أربيل لمدة ثلاث ساعات

2024-07-03 10:43 1
مكتبه: مسعود بارزاني يصل بغداد اليوم بزيارة رسمية

مكتبه: مسعود بارزاني يصل بغداد اليوم بزيارة رسمية

2024-07-03 10:40 4
لسرقتها ستمائة مليون دينار... السجن لأمين صندوق في زراعة الديوانية بالسجن 15 سنة

لسرقتها ستمائة مليون دينار... السجن لأمين صندوق في زراعة الديوانية بالسجن 15 سنة

2024-07-03 10:01 9
مانشستر سيتي الإنجليزي يضم لاعب برازيلي كأولى صفقاته الصيفية

مانشستر سيتي الإنجليزي يضم لاعب برازيلي كأولى صفقاته الصيفية

2024-07-03 09:56 9
الشركة العامة للكهرباء تعلن إضافة 120 ميغاواط في كركوك

الشركة العامة للكهرباء تعلن إضافة 120 ميغاواط في كركوك

2024-07-03 09:42 10
اختلاف بدرجات الحرارة... تعرفوا حالة الطقس خلال الأيام المقبلة بالعراق

اختلاف بدرجات الحرارة... تعرفوا حالة الطقس خلال الأيام المقبلة بالعراق

2024-07-03 09:32 11
عالمياً... النفط يرتفع بعد بيانات عن انخفاض في المخزونات الأمريكية

عالمياً... النفط يرتفع بعد بيانات عن انخفاض في المخزونات الأمريكية

2024-07-03 08:57 10
السوداني يرعى حفل تخرج ضباط الدورة 112 في الكلية العسكرية الأولى

السوداني يرعى حفل تخرج ضباط الدورة 112 في الكلية العسكرية الأولى

2024-07-03 08:22 15
فرنسا... انسحابات متبادلة للمرشحين لمنع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة

فرنسا... انسحابات متبادلة للمرشحين لمنع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة

2024-07-03 02:03 22
تأجيل الحكم على ترامب في قضية نجمة الأفلام الإباحية مقابل صمتها

تأجيل الحكم على ترامب في قضية نجمة الأفلام الإباحية مقابل صمتها

2024-07-03 01:44 17
كندا... علاج جيني ينقذ حياة طفل مصاب بمرض وراثي قاتل

كندا... علاج جيني ينقذ حياة طفل مصاب بمرض وراثي قاتل

2024-07-03 01:35 18
البيت الأبيض ينفي اصابة بايدن بالزهايمر أو أي شكل من أشكال الخرف

البيت الأبيض ينفي اصابة بايدن بالزهايمر أو أي شكل من أشكال الخرف

2024-07-03 01:33 19
تركيا تتغلب على النمسا بهدفين لتواجه هولندا في ربع نهائي بطولة أمم أوروبا

تركيا تتغلب على النمسا بهدفين لتواجه هولندا في ربع نهائي بطولة أمم أوروبا

2024-07-03 00:15 22
الفلك الدولي: العالم يترقب رؤية انفجار نجم في السماء بالعين المجردة

الفلك الدولي: العالم يترقب رؤية انفجار نجم في السماء بالعين المجردة

2024-07-02 23:58 19
السوداني: مجلس الوزراء وافق على استضافة طلاب عرب وأجانب بكلية الشرطة العراقية

السوداني: مجلس الوزراء وافق على استضافة طلاب عرب وأجانب بكلية الشرطة العراقية

2024-07-02 23:32 22
النقل تعلن عن تسجيل "17" هزة أرضية داخل العراق خلال شهر حزيران

النقل تعلن عن تسجيل "17" هزة أرضية داخل العراق خلال شهر حزيران

2024-07-02 23:29 19
الحوثيون: نفذنا عملية عسكرية مشتركة مع فصائل عراقية استهدفت هدفاُ حيوياً بحيفا

الحوثيون: نفذنا عملية عسكرية مشتركة مع فصائل عراقية استهدفت هدفاُ حيوياً بحيفا

2024-07-02 23:01 48